تاريخ الفيروسات البيئية وتفسيرها


منذ بداية التاريخ، كان أول من درس الأوبئة من منظور علمي هو أبيقور في القرن الخامس قبل الميلاد، وقد تمكن من وصف وباء الس...
Hassan Saib
Hassan Saib

منذ بداية التاريخ، كان أول من درس الأوبئة من منظور علمي هو أبيقور في القرن الخامس قبل الميلاد، وقد تمكن من وصف وباء السعال.

في سنة 404 قبل الميلاد، سقطت أتينا نتيجة اجتياح جائحة  فيروس التي اخترقت جيش أتينا  في سيسيل.

وفي القرن الثاني عشر اجتاحت أوروبا جائحة الطاعون ، كما في سنة 1485، اجتاحت أيضا بريطانيا العظمى، وخلال سنوات 1580اجتاحت إفريقيا وأوروبا خلال ستة أشهر نجم عنها وفاة 8000 بروما وحدها.وخلال القرن الثامن عشر عرف العالم 3 جائحات، وفي نهاية القرن التاسع عشر اجتاحت العالم جائحة "grippe russe"أي في سنة 1889، التي ولدت في الصين، ثم انتشرت بسرعة في روسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية واليابان، أصابت 40% من السكان، وقدرت الوفيات بمليون نسمة.

وحسب منظمة الصحة العالمية فإن الجائحات السنوية تصيب على المستوى العالمي ما بين 3و 5 ملايين نسمة كحالات مزمنة، وتقتل سنويا ما بين 250 و 500 ألف شخص في السنة. ومن وجهة نظر اقتصادية تسبب في فقدان ما بين 2و 12 مليون يوم شغل، وفاتورة تقدر ما بين 230و840مليون يورو( مجموعة الخبراء والإعلام حول الزكام).

ملاحظة: هذه المعلومات مأخوذة من بحت دكتوراه في الطب للطالبة: Melle Pauline CANAVAGGio، تحت عنوان : profil d'une cohorts de patients ayant bènèficiè d'une recherche de virus A(H1N1)  2009 au SAU d'un hôpital rèfèrent au cours de la pandèmie 2009

1- أخطر وباء عرفه  التاريخ في القرن العشرين

قبل نهاية الحرب العالمية الأولى بثمانية أشهر(1918-1919) اجتاح العالم وباء"grippe espagnole"، وقد أدى حسب الإحصائيات إلى ما بين 50 و100مليون نسمة في مختلف بقاع العالم( أمريكا،ألمانيا،أنجلترا، إيطاليا، روسيا، الهند، الصين، أندونسيا، البرازيل، كندا، المكسيك)

وحسب البلدان: فرنسا: 408000

ألمانيا/النمسا:400000

أنجلترا: 200000

إيطاليا: 390000

روسيا: 450000

إسبانيا: 260000

الهند: 12000000

الصين: 9000000

أندونسيا: 1500000

برازيل:180000

كندا: 50000

الولايات المتحدة الأمريكية: 675000

المكسيك: 300000

ملاحظة: أودت الحرب العالمية الأولى بحياة 18 مليون نسمة.

هذه المعلومات مأخوذة من بحت دكتوراه في الطب لطالب فرنسي : Pierre alquier تحت عنوان: la grippe espagnole àtoulouse

1918-1919,

أنجزها سنة 1 جوان 2017.

2- الجدل السياسي والنظري بين أزمة الرأسمالية والأوبئة البيئية.

سال مداد كثير بين الماركسيين ، حول تفسير علاقة التلازم بين الأوبئة الطبيعية وجشع الرأسمالية لمزيد من الربح ، من خلال استنزاف قوة العمل وفي نفس الوقت الطبيعة، وقد تبلور أدب ماركسي حول إشكالية التناقض الثاني في الرأسمالية، الذي أعيد النقاش حوله بشكل مكثف بين المنظرين الماركسيين والبيئيين، لدرجة أصبح التقارب بينهما ممكنا ، نتيجة تزايد الاحتباس الحراري وانبعات الغازات.

خَص ماركس في كتاب الرأسمال ، المجلد الأول في الفصل الثالث عشر من الجزء الرابع، تحت عنوان : الصناعة الكبرى والزراعة،  نقدا صريحا للدور التدميري للطبيعة، الذي تقوم به الرأسمالية ، كنظام اجتماعي لا يتوقف عند تدمير العامل بل أيضا الأرض، حيث يقول :" إن كل تقدم في الزراعة الرأسمالية لا يعتبر مجرد تقدم في فن نهب العامل وحسب، بل في نهب التربة أيضا، وكل تقدم في زيادة خصوبتها لأمد معين هو في الوقت عينه تقدم في تدميرالمصادر الدائمة لهذه الخصوبة. وبقدر ما يزداد انطلاق بلد معين ، كالولايات المتحدة لأمريكا الشمالية مثلا، من الصناعة الكبرى كأساس لتطوره، تزداد وتيرة عملية التدمير هذه، فالإنتاج الرأسمالي ، إذن، لا ينمي تكتيك وتركيب عملية الإنتاج الاجتماعي إلا بتدمير المصدرين الإثنين لأية ثروة في الوقت ذاته وهما : الأرض والعامل.

غير أن المفارقة هي كون ماركس لم يستنتج ، تبعا لهذا التحليل النقدي، أن الرأسمالية تواجه تناقضين الأول مع العمل والثاني مع الطبيعة، وبالتالي ركز كل اهتمامه حول التناقض بين العمل والرأسمال. ويعود السبب الرئيسي في عدم رؤية التناقض الثاني، لأن ماركس كان متأثرا بالمنظور البروميتيان المتطبع في القرن التاسع عشر.وقد جاء التقاء النقد الماركسي للرأسمالية، ونقد الإنتاجية الغالي على البيئيين، نتيجة تظافر ثلاثة عوامل:-انهيار النموذج الاشتراكي المطبق ونقد تجربة اللحاق بالغرب الرأسمالي،-السيطرة الشاملة للرأسمال على العمل،-ثم الحراكات الشعبية والصراعات الاجتماعية، ضد آفات الرأسمالية ، خصوصا تنامي أزمة البيئة ،وخلال المشاورات ضمن المنظمة التجارية العالمية:إن رفض تسليع العالم وخصصة الحياة، يحتويان ضمنا على التشكيك في شرطي الازمة اللذين يؤثران في السكان الأكثر فقرا:الاجتماعي والبيئي،إذن، نشأ النقد الماركسي البيئي من خلال تجاوز المعارضة العقيمة والمتشككة بين النقد الماركسي التقليدي للعلاقات الاجتماعية المقطوعة من علاقات الإنسان مع الطبيعة، والنقد البيئي المبسط لعلاقات الإنسان مع الطبيعة، من دون الرجوع إلى العلاقات الاجتماعية ، يشغل فيها الإنسان مشروع تدجين الطبيعة. وقد تم التوصل إلى الصيغة التالية:إن التناقض الأول والتناقض الثاني موجودان كلاهما داخل طريقة الإنتاج الرأسمالي، إذ بدون استغلال الطبيعة لا يجد استغلال العمل دعما ماديا، ومن دون استغلال العمل لا يمكن استغلال الطبيعة، ولا يمكن أن يتوسع ويتعمم، ينتج عن دلك أن الأزمة الاجتماعية والبيئية هما وجهان لحقيقة واحدة.وقد حاجج المفكر الماركسي البيئي André gorz لتأكيد هذه الحقيقة بالقول:"لقد نشأ رابط قوي بين تعزيز الأزمة البيئية وانخفاض معدل الربح"، وفي نفس الوقت أكد هذه الأطروحة المفكر الماركسي الأمريكي james o connor قائلا:"أن الرأسمال يقلل من احتمالاته للمردودية تدريجيا، ويخضع لقانونه الشروط الطبيعية للإنتاج".ويعرف جيمس أوكونورالنظريات الاشتراكية البيئية بما هي:"تلك الساعية إلى إخضاع القيمة التبادلية للقيمة الاستعمالية،عبر تنظيم الإنتاج حسب الحاجيات الاجتماعية ومتطلبات حماية البيئة، ويتمثل هدفها في مجتمع عقلاني بيئيا مؤسس على الرقابة الديمقراطية والمساواة الاجتماعية، وغلبة القيمة الاستعمالية ،كما يفترض هذا المجتمع الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج وتخطيطا ديمقراطيا ينتج للمجتمع تحديد أهداف الإنتاج والاستثمارات وبنية تكنولوجية جديدة لقوى الإنتاج".