ملاحظات حول أزمة التنظيم اليساري في المغرب


يلاحظ نفورا كبيرا من مختلف الفئات الاجتماعية من الانخراط في التنظيمات اليسارية ، وجمعيات المجتمع المدني النظيف، وعزوفا ...
Hassan Saib
Hassan Saib

يلاحظ نفورا كبيرا من مختلف الفئات الاجتماعية من الانخراط في التنظيمات اليسارية ، وجمعيات المجتمع المدني النظيف، وعزوفا متكررا لانضمام الشباب والنساء والعمال في هياكله، وتقلص شديد لتبوء هذه الفئات زمام قيادتها. مرد ذلك يكمن في طبيعة المرحلة التاريخية التي نمر منها،المطبوعة بتحولات عميقة ؛عنوانها الرئيسي هوالهجوم اللبرالي الجديد ، الذي فكك الطابع المادي للإنتاج ، وعمم التفقير الثقافي والاجتماعي ، لدرجة أصبح معه الوعي مشيئا بشكل صارخ ، والثقافة والقيم محكومتين بنزعة فردانية كلبية ،تمجدالنجاح الفردي وتعلو من شأن "التمايزات"الفردية في قلب العائلة والطبقة والمؤسسة والحزب والنقابة والجمعية . غير أن تنطيم المواطنين اصطدم من جانب آخر ، باستمرار التقاليد البرجوازية المغرقة في التخلف والسلطوية،التي تفتقد إلى المادة السياسية الخام التي يقوم عليها المجتمع البرجوازي عادة حسب تعبير القائدة الملهمة :روزا لكسمبورغ. ففي طور الامبريالية ،كرس الاستعمار فلسفة رجعية ، مناقضة لفلسفة الأنوار التي كانت وراء تأسيس مؤسساته "الديمقراطية" ، وقام ببلورة "حداثة تلائم مشروعه الاستعماري ، وذلك بفصل الجوانب التقنية عن الجوانب السياسية والاجتماعية ،تحت دريعة احترام الخصوصية التاريخية للشعب المغربي. هكذا استطاع المارشال ليوطي منظر الدولة الحديثة بامتياز في المغرب التعبير عن ذلك بالقول:"بلاد تحتفظ بكل مؤسساتها وحكومتها الخاصة، تحت الرقابة المجردة من جانب دولة أوروبية ، تحل محلها في الثمتيل الخارجي ، وتتولى إعادة جيشها وماليتها ، وتوجه نفوذها الاقتصادي ، دون أن يمس جوهر مؤسساتها ومقومات بنائها الحضاري" إن هزم المشروع المخزني ،من هذه الزاوية ، يقتضي تفكيك البنى الثقافية والسياسية التي تقوم على قاعدة خدمة الامبريالية عامة والفرنسية خاصة، وفي ذات الوقت إعادة ربط الحلقة المفقودة ،بين الأسس الطبقية والسياسية ،للطبقات الأساسية في التغيير ، وبين توحيدها على قاعدة هزم المشروع النيولبرالي ، في أفق انبتاق الشكل المميز للبنية التنظيمية الملائمة لهكذا تطور ، وهذا يفترض الاشتغال على برنامج متعدد الأقطاب ، يثور ويقيم كل التقاليد التنظيمية التي مورست لحد الآن . يركز أساسا على بلورة أفكار سياسية جديدة، تربط بين الانفتاح الفكري على التجارب النضالية والتحقيق الميداني لأوجه المعاناة الاجتماعية والنفسية وليدة الهيمنة انيولبرالية وبين مستجدات العلوم الإنسانية التي تسعى في توضيح الرؤى والاشتغال على مضامينها الملموسة ثم قواعد للتنظيم لا سلطوية ، ونعني بذلك القطع مع جميع الأساليب البيروقراطية والتكتلية والمركزية الموغلة في الضبط والمراقبة ، وما تبقى يخضع لبراكسيس الفعل الاجتماعي والسياسي المتجددين .