مواقف وبيانات


**حسن الصعيب**

سعيد سوقتي

في صبيحة 24 فبراير 2022، استفاق العالم على الغزو الروسي لدولة ذات سيادة وداخل حدود معترف به...
Hassan Saib
Hassan Saib

حسن الصعيب

سعيد سوقتي

في صبيحة 24 فبراير 2022، استفاق العالم على الغزو الروسي لدولة ذات سيادة وداخل حدود معترف بها دوليا. هل كان الحدث مفاجئا لما تعوده العالم من تدخلات عسكرية وخلق الحروب من طرف التحالف العسكري الأطلسي " الناتو" تحت قيادة الإمبريالية الأمريكية؟ بالطبع لا، إذا ما وضعنا الحدث في سياق حرب الأقطاب الراهن من داخل رأسمالية الأطراف المعولمة، دون إغفال الصرح الهش الذي بنيت عليه العلاقات الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وتمخضت عنه رزمة من الاتفاقيات والوعود التي لم يلتزم بها الحلف الأطلسي.

ومرة أخرى، وكعادتها أمام دول الناتو في حروب سابقة، أبانت الأمم المتحدة عن عجزها فرض احترام مواثيقها بكل ما تضمنته من مبادئ وقوانين كنظام روما الأساسي الذي يحرم على الدول الأعضاء استخدام القوة وتهديد السلام الإقليمي، ويحث على التعايش السلمي وحل النزاعات بالطرق السلمية، وبخاصة حق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في السيادة على ثرواتها ووحدة وسلامة أراضيها دون أي تدخل خارجي. بل عجزت الهيئة الأممية حتى في ردع روسيا، وثنيها عن شن الحرب على أوكرانيا، ووقفت في دور المتفرج أمام إجراءات أحادية الجانب ضد روسيا من عقوبات ودعم عسكري ومالي وبشري، تصدرت الإمبريالية الأمريكية المشهد لديمومة ويلات الحرب ومخلفاتها الضحايا بين قتلى وجرحى، وتدمير للبنى التحتية، وتوسيع لدائرة الفقر والأمراض الفتاكة، والحصار وغيرها من مظاهر البؤس والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، وتحويل الساكنة البريئة إلى قوافل اللاجئين.

ونظرا لتوغل روسيا في الاقتصاد الرأسمالي العالمي وتأثيرها في التبادل التجاري العالمي، عرفت الأسعار ارتفاعا صاروخيا، مكن شركات الاحتكار من الانتعاش أكثر ينذر بتفاقم أكثر للأزمة الاقتصادية ستؤدي كالعادة الشعوب ثمنها الغالي.

وقبل الحرب على أوكرانيا كان للصين الشيوعية وروسيا الاتحادية السبق عبر تصريح مشترك في رسم معالم عالم جديد متعدد الأقطاب في طور التشكل، مع تحديد مرتكزاته على قاعدة اقتصاد  رأسمالي معولم، تسارعت وتيرته في ظل الثورة السيبرانية؛ أصبح بموجب هذا الوضع ضروريا إعادة توزيع " السلط" عبر العالم.

لم تفلح هجمات الإمبريالية الغربية (أمريكية وأوروبية) على روسيا في تنيها عن غزو أوكرانيا رغم تعزيز موقفها بمشروع صوتت لصالحه 141 دولة داخل الأمم المتحدة يطالب روسيا بالانسحاب الفوري.

وكان من البديهي أن تساير الركب الطبقات السياسية لتدين في أغلبها التدخل العسكري الروسي. وعبرت القوى اليسارية عن مواقفها بين مطالب بالوقف الفوري للحرب، وبين قوى تركز على أسباب نشوبها، وتشير بأصابع الاتهام إلى " الناتو، ننقل للقارئ ما بحوزتنا من بيانات.

ينبني تقدير اليسار بالنسبة للحرب في أوكرانيا بالتركيز على الاصطدام بين أقطاب الهيمنة للعالم الرأسمالي الجديد، وتعتبر أن جانبه المسلح بين روسيا وأوكرانيا يدخل في هذا السياق. ويظهر موقف إدانة الغزو باهتا في تصريحاتها تحسبا لأي توظيف يحسب ضدها في المدى البعيد.

وعند تناول وجهات نظر قوى اليسار في الموضوع يبرز البعض الجوانب -الإنسانية لعاطفية - المتمثلة في الأضرار التي تلحقها المعارك من موتى وجرحى ودمار، ويجب بالتالي إيقاف الحرب. وقوى يسارية أخرى، بعد إدانتها لروسيا تحتكم إلى المرتكزات الطبقية البحتة وكيف تمكنت الإمبريالية الغربية من خلق الأوليغارشية في البلدين لتقلد زمام الحكم. ومن اليسار من يستند في تحليله للواقع على جدور الصراع

العميقة. عند تحليل الوضع، وربط مضمون الصراع الطبقي الوطني بالنضال ضد كل أشكال الهيمنة الإمبريالية، على أن صراع القوى الامبريالية ولو لحين، سيضعفها لفائدة الشعوب التواقة للحرية.

بيان مشترك للأحزاب الشيوعية والعمالية

لا للحرب الإمبريالية في أوكرانيا

إن المطلوب هو خوض صراع مستقل ضد الاحتكارات و الطبقات البرجوازية،

من أجل إسقاط الرأسمالية وتعزيز الصراع الطبقي.

ضد الحرب الإمبريالية، من أجل الاشتراكية!

1\ نصطف نحن اﻷحزاب الشيوعية والعمالية الموقعة على هذا البيان المشترك ضد الصدام الإمبريالي في أوكرانيا، الذي هو أحد عواقب الوضع المأساوي الذي تشكَّل للشعوب بعد إسقاط الاشتراكية وتفكيك الاتحاد السوفييتي. مكشوفة هي كل القوى البرجوازية والانتهازية، التي حاربت الاتحاد السوفييتي لسنوات واحتفلت مؤخراً بالذكرى الثلاثين لتفكيكه، مُبديةً صمتها عن واقعة أن إعادة تنصيب الرأسمالية تعني تفكيك مكاسب تاريخية عمالية و شعبية و إعادة شعوب الاتحاد السوفييتي إلى حقبة الاستغلال الطبقي والحروب الإمبريالية.

2\ إن التطورات في أوكرانيا التي تجري فوق أرضية الرأسمالية الاحتكارية، هي مرتبطة بخطط الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي و بتدخلها في المنطقة في سياق المزاحمة الشرسة لهذه القوى مع روسيا الرأسمالية، من أجل السيطرة على الأسواق والمواد الأولية وشبكات النقل في البلاد. حيث تُخفي هذه القوى الإمبريالية المتصادمة مساعيها، عِبر إبراز كل منها لذرائع مختلفة ﻛ"الدفاع عن الديمقراطية" و"الدفاع عن النفس" و حق "اختيار التحالفات" و الحفاظ على مبادئ الأمم المتحدة أو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أو ما يُفترض أنه "فاشي" و الذي يجري فصله عمداً عن النظام الرأسمالي الذي يلد الفاشية و يستغلها.

3\ إننا ندين نشاط القوى الفاشية والقومية في أوكرانيا، و العداء للشيوعية و ملاحقة الشيوعيين، والتمييز الممارس ضد السكان الناطقين بالروسية، والهجمات المسلحة للحكومة الأوكرانية ضد الشعب في دونباس. و نستنكر واقعة استغلال القوى السياسية الرجعية في أوكرانيا وصولاً حتى الصنائع الفاشية، من جانب القوى الأورو أطلسية لتنفيذ مخططاتها. و في الوقت نفسه، غير مقبول هو الخطاب المعادي للشيوعية الموجه ضد لينين والبلاشفة والاتحاد السوفييتي، الذي تلجأ إليه القيادة الروسية من أجل تبرير خططها الإستراتيجية في المنطقة. و مع ذلك، فما من شيء قادر على تشوية العطاء الهائل للاشتراكية في الاتحاد السوفييتي ، الذي كان اتحاداً متعدد الجنسيات لجمهوريات اشتراكية متساوية.

4\ إن قرار الاتحاد الروسي الاعتراف بداية بـ "استقلال" ما يسمى "جمهوريات شعبية" في دونباس و من ثم الشروع في التدخل العسكري الروسي، بذريعة "دفاع روسيا عن النفس" و "نزع السلاح" و "نزع الفاشية" من أوكرانيا، لم يُتخذ من أجل حماية شعب المنطقة ولا من أجل السلام، بل من أجل دفع مصالح الاحتكارات الروسية على أراضي أوكرانيا، فوق أرضية مزاحمتها الشديدة مع الاحتكارات الغربية. إننا نُعرب عن تضامننا مع شيوعيي روسيا وأوكرانيا و شعبيهما ونقف إلى جانبهم من أجل تعزيز الجبهة ضد النزعة القومية التي ترعاها كلا الطبقتان البرجوازيتان. ما من مصلحة موجودة لدى شعبي البلدين، الذين عاشا بسلام و حققا المعجزات معاً في إطار الاتحاد السوفييتي- ولكن أيضاً لجميع الشعوب الأخرى- في الاصطفاف إلى جانب هذا الإمبريالي أم سواه، أو هذا التحالف أم سواه، الذي يخدم مصالح الاحتكارات.

5\ إننا نؤكد على أن الأوهام التي تنشرها القوى البرجوازية هي خطيرة، و هي القائلة بإمكانية وجود "هندسة أمنية أفضل" مختلفة في أوروبا، بمداخلة من الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي "دون خطط حربية و وجود منظومات أسلحة هجومية على أراضيها"، أو بوجود "اتحاد أوروبي سلمي"أو "عالم مسالم متعدد الأقطاب" وما شاكلها. حيث ليس لجميع هذه التخمينات علاقة بالواقع و هي التي تنشط بنحو مضلل للصراع ضد الرأسمالية والإمبريالية، و تسعى إلى تنمية تصور حول مزعوم لوجود "إمبريالية سلمية". و على الرغم من ذلك، فالحقيقة هي أن الناتو والاتحاد الأوروبي، مثلهما مثل أي اتحاد رأسمالي دولي، هما عبارة عن أحلاف ذئاب ذات طابع رجعي للغاية، و بغير إمكانها أن تصبح مؤيدة للشعوب، وسوف تستمر في العمل ضد الحقوق العمالية والشعبية و ضد الشعوب، على غرار حقيقة تأصُّل الحروب اﻹمبريالية في الرأسمالية.

6\ ندعو شعوب البلدان التي تتورط حكوماتها خاصة من خلال الناتو والاتحاد الأوروبي كما و من خلال روسيا، في التطورات لمحاربة دعاية القوى البرجوازية التي تدفع الشعوب إلى "ماكينة لحم" الحرب الإمبريالية عبر مختلف الذرائع الواهية. و أن تطالب بإغلاق القواعد العسكرية، وعودة القوات المتواجدة خارج البلاد، وتعزيز الصراع من أجل فك ارتباط البلدان عن الخطط والتحالفات الإمبريالية، كحلفي الناتو والاتحاد الأوروبي.

7\ إن مصلحة الطبقة العاملة والشرائح الشعبية تفرض تعزيز المعيار الطبقي في تحليل التطورات، وأن نرسم طريقنا المستقل ضد الاحتكارات و الطبقات البرجوازية، من أجل إسقاط الرأسمالية وتعزيز الصراع الطبقي، ضد الحرب الإمبريالية، من أجل الاشتراكية، التي تبقى راهنية و ضرورية أكثر من أي وقت مضى.

لحزب الشيوعي السوداني*
*بيان من أجل السلم العالمي وضد الحرب*
إن الغزو الروسي لجمهورية أوكرانيا يفضح الصراعات بين القوى الإمبريالية لبسط نفوذها والإستيلاء على الموارد في القارة الأوروبية والعالم. ورغم الذرائع التي يستخدمها الطرفان- روسيا من جهة، والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي والناتو من جهة أخرى- إلا أن الغزو الروسي وما صاحبه من إتهامات اتى نتيجة المنافسة الإمبريالية بين الجبهتين.. والسبب الحقيقي هو المنافسة على مناطق النفوذ والأسواق والمواد الأولية والطاقة وطرق النقل.

الغزو الروسي يؤكد بشاعة وعدوانية النظام الرأسمالي.. فقد عاش الشعبان- الروسي والأوكراني- في سلام وتعاون وأمن وإستقرار لمدى عقود في ظل النظام الإشتراكي.. وتحاول القوى الإمبريالية الأوروبية إنهاء تلك الذكرى للشعبين وقوى السلم والإشتراكية ..
إن إختلاف القوى الإمبريالية في ما بينها حول مطالب روسيا الإمبريالية المعلنة لتمدد الناتو في شرق أوروبا وعلى حدودها ، وحياد أوكرانيا وسحب قوات الناتو من البلدان المحيطة بروسيا.. قوبل بالرفض من قبل الإمبريالية الأمريكية وقيادات الناتو.. وأتى هذا الرد رغم محاولات حكومتي ألمانيا وفرنسا لنزع فتيل الحرب والتوتر. وإعتبرت القيادة الروسية موقف الإدارة الأمريكية وحلفائها في الناتو سببًا كافياً للإعتراف بالحكومتين في إقليم دونباس التابع لأوكرانيا أسوة بما فعلته روسيا عند تدخلها في جورجيا في الماضي.. وقد كررت نفس الخطوات بغزو أوكرانيا.

إن شعوب العالم والقوى المحبة للسلام خاصة الشعوب الأوروبية بما في ذلك شعبي أوكرانيا وروسيا يرفضون الحرب الإمبريالية ويرفعون عالياً رايات السلام والتعاون بين الشعوب- ظهر ذلك جلياً في المظاهرات الحاشدة في كبرى المدن الروسية.. كما خرج الألآف في عدد من العواصم الأوروبية منددين بالحرب ومطالبين بانسحاب القوات الروسية من أوكرانيا والوصول لحل سلمي يضمن سلامة وأمن وإستقرار البلدين.
الدعوة للسلام في أوروبا وفي بقية أرجاء العالم تتمحور حول حل حلف الناتو العدواني والذراع العسكري للإمبريالية.. فوجوده يهدد أمن وسلامة شعوب العالم.. لقد جرب هذا الحلف في تفتيت وحدة يوغسلافيا، وفي إحتلال العراق، والهجوم على ليبيا، وسوريا، وأفغانستان. وكانت نتائج ذلك التدخل العسكري كارثية دفعت ثمنها شعوب تلك البلدان.. حيث فقد ألاف الناس حياتهم وتشردت الملايين خارج بلادها.

الحزب الشيوعي السوداني.. في إتساق مع موقفه المبدئي في الحفاظ على سيادة السودان وإبعاده عن المحاور العسكرية، وإقامة علاقات متوازنة مع كل دول العالم.. يدين زيارة سلطة إنقلاب 25 أكتوبر، ومحمد حمدان دقلو لروسيا، وينبه إلى خطورة التوقيع على إقامة القاعدة العسكرية الروسية على البحر الأحمر، مما يجعل السودان في مرمى نيران الصراع بين أمريكا وروسيا ومرتزقتها -فاغنر- لنهب موارد السودان وأفريقيا مما يهدد الأمن والسلم العالميين..
إن الحزب الشيوعي السوداني إذ يدين الغزو الروسي لأوكرانيا ويطالب بالانسحاب الفوري للقوات الروسية من أوكرانيا، يدين كذلك إستمرار التحالف الإمبريالي بقيادة الولايات المتحدة في تأجيج التوتر والحرب وتهديد السلام والأمن العالميين.

يؤكد الحزب الشيوعي السوداني على ضرورة الوصول إلى حل سلمي عبر التفاوض يضمن السلام والأمن والإستقرار في أوروبا والعالم على أساس إحترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة..**
٭٭ لترتفع أصوات السلم والحرية من أجل السلام وضد الحرب...٭٭*المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني
*_الخرطوم_ 27 فبراير 2022م_

تعليق على بيان حزب النهج الديمقراطي

نشر حزب النهج الديمقراطي أمس البارحة بيانا حول مجموعة من القضايا الوطنية والدولية المستجدة، تعليقي هنا سيركز على موقف الحزب من الحرب في أوكرانيا.
أولا لربما يعتبر موقف الحزب هو أول موقف لحركة ماركسية مغربية من الحرب في أوكرانيا، وحسنا فعل عوض سلوك الصمت والتغاضي السائد وسط احزاب اليسار، بسبب حالة الشلل العامة التي تعرفها قياداته من جميع التطورات المتسارعة خاصة الحرب في أوكرانيا الغير مفاجئة؛ و لكون حزب النهج يعتبر حزبا ماركسيا وهذا بالضبط ما دفعني لإبداء الرأي ومناقشته تانيا.
وبتركيز شديد فإن بناء موقف النهج من الحرب المتطورة في أوكرانيا جاء فقط وأساسا بالاستناد على تصور حتى لا أقول تحليل للوضع الدولي، يزعم بأن "التقاطب الرأسمالي الحاد بين روسيا المسنودة من الصين وضد الامبريالية الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة"، وما ترتب عن هذا "التقاطب الرأسمالي" من توسيع لحلف الاطلنطي العسكري شرقا مهددا روسيا، هو السبب الذي أشعل فتيل الحرب من قبل روسيا ( التسطير من عندي) تم حرب اقتصادية استنزافية... ضد روسيا من طرف الامبريالية الغربية وشروع هذه الاخيرة في حشد الاموال والسلاح دعما للنظام في أوكرانيا.
وسأبدأ من حيث بدأ البيان بطرح السؤال، ما المقصود "بالتقاطب الرأسمالي الحاد" حسب البيان؟ معناه أن الوضع الدولي في مرحلته الراهنة يتميز بالصراع الحاد بين قطبين رأسماليين على تقاسم ثروات الشعوب والأسواق والنفوذ العسكري والسياسي والاقتصادي والثقافي هما كما يقول البيان روسيا المسنودة من الصين ضد الامبريالية الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة. وإذا تمعنا جيدا في هذا التوصيف فإنه يشبه الوضع الراهن الدولي مثلما عاشته أوربا عشية الحرب العالمية الاولى بسبب الصراع بين القوى الرأسمالية الامبريالية أنداك.
فهل حقا نعيش حاليا تقاطبا رأسماليا بين قوى رأسمالية تتصارع على تقاسم ثروات الشعوب والأسواق والنفوذ العسكري والسياسي والاقتصادي والثقافي خدمة لمصالح هذه القوى المتشابهة. أي جماعة من اللصوص تتقاتل على الغنائم؟ أعتقد أن أصحاب هذا التصور قد توقف تفكيرهم عند طبيعة الصراع في الحرب العالمية الاولى.
أم أن الوضع الدولي في مرحلته الراهنة يتميز بالصراع بين الشعوب في أفريقيا وأمريكا الجنوبية والكرايب وآسيا في مواجهة الهيمنة الامريكية الاحادية على العالم ومن خلفها حلفائها ، وأن هذا الصراع قد ازداد حدة واشتعالا بعد صعود قوى جديدة تقف في وجه هذه الهيمنة الامريكية وتتحداها أعني الصين وروسيا. فلا تختلف كثيرا في رأيي الحروب التي سبق وشنتها الولايات المتحدة وحلفائها في أمريكا الجنوبية وفي الكرايب وفي أفريقيا والشرق الاوسط وأسيا الوسطى وداخل أوربا نفسها على الدول المارقة أي التي تدافع عن سيادتها وثرواتها عن الحرب التي تحصل فوق أرض أوكرانيا. حروب متنوعة من الغزو العسكري المباشر والحروب بالوكالة والحروب الهجينة والحصار الاقتصادي كنوع من العدوان... هي حروب مستمرة تتعدد السينريوهات والذرائع التي تفرضها آلة البروباغندا للغرب الامبريالي ولكنها هي حروب عدوانية واحدة. لم تعرف البشرية من قبل في تاريخ الصراع بين القوى هيمنة قوة واحدة مثلما تحقق للولايات المتحدة في سنة 1991. يصف المناضل الماركسي سمير أمين ما حصل عشية انهيار الاتحاد السوفياتي بقوله "ما حصل من تحول فقط كان يحلم به أدولف هتلر كشرطي على العالم وقد تحقق ل usa فقط. وهي تصارع الآن للإبقاء على هيمنتها للعالم بدون منازع وتغرق العالم في حروب بلا نهاية. فنحن لا نعيش عشية الثورة الاشتراكية في أكتوبر 1917 الذي سمحت به الحرب بين القوى الامبريالية وبينهم روسيا القيصرية، ولكننا نعيش مرحلة الصراع لإنهاء الهيمنة الامريكية وحلفائها على العالم وفرض نظامها الاقتصادي والاجتماعي المتميز بالعدوان والاحتكار والحصار ومركزة الثروات في بلدانها، ونضال الشعوب كما قلت من أجل التحرر والسيادة على ثرواتها والتنمية وهي الشروط الضرورية للتحول إلى الثورة الاشتراكية. فإنهاء الهيمنة الأمريكية هو الذي يفتح الأفاق لتطور نضال الشعوب للقضاء على الرأسمالية، على العكس اليوم الذي تقهقر فيه هذا الطموح في جميع ربوع العالم.
إن هذا التصور الخاطئ لطبيعة الصراع في المرحلة الراهنة هو الذي قاد أصحاب البيان إلى اعتبار روسيا هي من أشعل الحرب في أوكرانيا في 24 من شهر فبراير، في حين أن الحرب في أوكرانيا كانت قد بدأت منذ سنة 2014 من طرف حكومة النازيين الجدد. فماذا تعني قتل أزيد من 14 ألف أغلبهم من المدنيين في إقليم الدونباسك لأنهم روس ويتحدثون اللغة الروسية على يد ميليشيات نازية والحصار المضروب عليهم والقصف المتواصل على مدنهم وقراهم. ماذا عن قمع الحريات السياسية في أوكرانيا منذ مجيئ حكومة النازيين الجدد. قتل الصحافيين المعارضين الذي بلغ 34 ، حظر الحزب الشيوعي واغتيال أمينه العام. أليست هذه حرب ارتكبت فيها جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية لم يفتح فيها أي تحقيق. وعندما أتحدث عن حكومة النازيين الجدد في أوكرانيا المدعومة مباشرة من أمريكا منذ استلاءها على السلطة بانقلاب في 2014 ، فهو مرتبط بصعود اليمين الشعبوي العنصري والنازيين الجدد في جميع بلدان أوربا الغربية والشرقية، وأن الولايات المتحدة تستثمر في نفوذهم. نفس الأمر يحصل عندنا في الاستثمار في ارهاب الاسلام السياسي وقود الثورة المضادة، فلا نستغرب بعد فتح باب الجهاد أمامهم في أوكرانيا. لذلك فإن روسيا وضعت منذ انهيار الاتحاد في السوفياتي في موقع دفاعي بلغ حد الوجود لأن أمريكا وحلفائها لا يرون فيها سوى دولة ممتدة جغرافيا ويجب تفكيكها حتى يسهل ركوبها. لذا أقول عكس البيان، روسيا في حملتها العسكرية على أوكرانيا تدافع عن أمنها وسيادتها لإنهاء مأساة شعوب الدونباسك وحقهم في تقرير المصير وانهاء حكومة النازيين الجدد الذين يأملون في الحصول على أسلحة نووية كما سرح رئيسهم دمية الولايات المتحدة عشية 23 فبراير في مؤتمر ميونخ وكان السبب في المباشر في إشعال فتيل الحرب الحالية.
سعيد كنيش في مراكش بتاريخ 2022/03/01

نقطة نظام : بصدد الحرب على أوكرانيا ، ما وراء الشجرة !\

  • الغزو المسلح و استباحة حدود الدول يدخل في إطار الصراع التاريخي بين الأنظمة الرأسمالية-الامبريالية القديمة التي لم يمر عقد من عقود القرن الماضي و العقدين للألفية الثالثة بدون ان تكون طرفا في حرب إقليمية ، و بين الأنظمة الرأسمالية القومية الصاعدة "الراغبة" موضوعيا في التحول إلى إمبرياليات للحصول على نصيبها من المجال الحيوي بالسياسة أو بالقوة إن اقتضى الحال مباشرة أو بالوكالة و ذلك بفعل الاختناق الذي تعاني منه من عمليات التوسع و احتكار السوق الأوروبي و العالمي من طرف أنظمة حلف الناتو و حمايته عسكريا .\
  • أوفاق تقاسم النفوذ و "التعايش السلمي" و توازنات ما بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت caduc (متجاوزة موضوعيا) بانتهاء ما سمي بالحرب الباردة ، خصوصا و أن تفكك المعسكر الاشتراكي قد أعاد عقرب الزمن التاريخي لمنطق القوميات الرأسمالية المغبونة بالهيمنة الاقتصادية و العسكرية لأنظمة الناتو .\
  • استغلت الامبرياليات القديمة التراجع المؤقت في اقتصادات الدول القوية و في عدم استقرار وضعها السياسي و العسكري و منه تفكك الاتحاد السوفياتي لغزو البلدان "الضعيفة" المقاومة بنسب مختلفة للتغلغل الامبريالي المتوحش بدون أن تجد الردع المطلوب عالميا لا قانونيا و سياسيا و لا عسكريا ( حصار اقتصادي على كوبا و إيران - غزو مباشر للعراق وإعدام قادته شنقا بالوكالة - غزو بالوكالة لسوريا - حرب على أفغانستان و اليمن - إحتلال ليبيا و قتل قادتها بطرق العصابات - تنظيم انقلابات في عدد من دول أمريكا اللاتينية و أفريقيا - إجهاض إمكانية التحول الديمقراطي بتشجيع و حماية القوى المضادة للثورة الديمقراطية في مصر و اليمن و باقي الدول- فرض التطبيع المعمم على الدول العربية و المغاربية - محاولة توسيع الناتو شرقا...) .\
  • لا يجهل الغرب الرأسمالي الصعود الاقتصادي و المالي و العسكري القوي للنظام الصيني ، كما لا يجهل تمكن القوة الروسية في ظرف وجيز من إستعادة قوتها الاقتصادية و العسكرية بعيدا عن أية أخلاق إشتراكية كما في السابق ، و قريبة من منطق المواجهة (إلعب قرب دارك و إلا !) ، كما لا يجهل الغرب التقاطبات الناتجة عن التقارب الصيني/ الروسي ...، لكن منطق التوسع الرأسمالي و منطق الردع ، و ردع الردع سيبقى في تنامي مستمر و سيهدد و يفكك ما تبقى من "القانون الدولي" و ستتعرى منظومة الأمم المتحدة و تفقد قدرتها على فرض أخلاق القانون الدولي على علاته و في حدوده الدنيا على القوى العظمى صانعة هذا القانون نفسه و المهيمنة على مجلسه الأعلى (مجلس الأمن) .\
  • ستعيش شعوب العالم في المركز و الأطراف أصعب أوقاتها حيث سيخيم منطق القوة و الحروب و التدخل المباشر ، و ستصبح الحدود الموروثة قابلة لاعادة الرسم على ضوء المصالح و التوازنات الرأسمالية الجديدة و لن يتطلب ذلك وقتا كبيرا نظرا لتطور تكنولوجيا الحرب.
    و سيتيه ضحايا الحروب و التهديدات من الشعوب و العمال و الكادحين ، و لن يكون أمامهم من أختيار : فإما الهمجية أو الاشتراكية ! مرة أخرى ، و بعد دروس قاسية !...
    عبد الحفيظ إسلامي.

    أوكرانيا.. والموقف من صراع روسيا والغرب الإمبريالي


    إن جميع الحروب الإمبريالية في العالم متساوية في ضرب واحـتـقـار المصالح الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الأساسية لشعوب العالم.
    إني غاضب من مواقف معينة لنشطاء يعتبرون أن هم ينتمون إلى خط اليسار الراديكالي ويتخذون موقفا سياسيا ضد التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا أو مع التدخل العسكري الروسي ... !!!
    ولا يسعني إلا أن أتخذ موقفا سياسيا واحدا فيما يتعلق بهذا التدخل الروسي العسكري في أوكرانيا ...
    إنني أتضامن وسأتخذ موقفا متضامنا دائما مع النضالات التحررية للشعوب الكادحة التي تعي مصالحها التحررية ضد استبداد وسلطوية رأس المال والطبقات الرأسمالية الحاكمة واستغلالها للشعوب وحروبها ضد الشعوب...
    7iber - حبر

    ثقافة وفنون**
    سياسة واقتصاد**
    مجتمع**
    English**
    بيئة وقضايا المدينة**
    رياضة واستكشاف**
    تكنولوجيا**
    مجتمع**
    About 7iber**
    Contact Us**
    اتصل بنا**
    من نحن**
    القوة المهيمنة ومنطق الحرب**
    دعاء علي، شاكر جرّار**
    الأربعاء 02 آذار 2022**
    عجوز أوكراني يمر بجانب بيت مهدم في كييف، في 2 آذار 2022. تصوير آريس ميسنيس، أ ف ب.
    قد تدفع صدمة النخب الأمريكية والأوروبية إزاء التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا للاعتقاد بأن ما حصل كان مفاجئًا لها. رغم تحذيرات أمريكية على مدى أسابيع من غزوٍ مرتقب، تخبرنا ماكينات الإعلام الغربي أن «طموحات بوتين التوسعية» ورغبته باستعادة «الإمبراطورية السوفييتية» هي السبب الأساسي فيما يجري، وأن هذه الدوافع غير عقلانية ومدفوعة بـ«جنون العظمة»، ولا علاقة لها بالغرب. لا شك أن روسيا هي من أخذ قرار الحرب التي أعلنتها في الرابع والعشرين من شباط 2022. لكن بالنسبة لصناع القرار الأمريكي، لا شيء ممّا حدث يفترض أن يكون صادمًا.
    منذ أن بدأت إدارة بيل كلينتون بالضغط من أجل توسيع الناتو شرقًا (رغم الوعود التي قدمتها الولايات المتحدة لغورباتشوف عام 1991 بعدم توسعه مقابل توحيد ألمانيا وسحب الجيش الأحمر من أوروبا الشرقية والتي أنكرتها لاحقًا)، حذّر العديد من المسؤولين الغربيين والمحللين من تيار «الواقعية السياسية» في الغرب، من تبعات هذا التوسع على العلاقة مع روسيا. بالنسبة لهؤلاء، لم يكن هناك سبب حقيقي للصدام مع روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي، التي يرون أنها ستتحرك وفقًا للإملاءات الواقعية التي تفرض عليها أن تتعامل مع توسع الناتو كتهديد. في منتصف التسعينيات، قال زبغنيو بريجينسكي، مستشار الأمن القومي سابقًا في إدارة جيمي كارتر، والمعروف بعدائه الشديد للروس (وهو من أصل بولندي)، إنه «إذا عُزلت روسيا أو رُفضت، فستملؤها النقمة وستصبح نظرتها لذاتها أشد عداء لأوروبا وللغرب».[1]
    مرّ الناتو منذ تفكك الاتحاد السوفييتي بخمس جولات من التوسع، أدت إلى تضاعف عدد أعضائه، وكان كل الأعضاء الجدد في الشرق. بعد موافقة مجلس الشيوخ على أولى هذه الجولات عام 1998، ضم الناتو كلًا من التشيك والمجر وبولندا. حينها، اعتقد الدبلوماسي الأمريكي جورج كينان (الذي يُعدّ أبرز منظر لسياسة الاحتواء تجاه الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة) أن الروس سيردون حين تسمح قدراتهم بذلك، معتبرًا الخطوة «خطأ مأساويًا لم يكن له أي سبب على الإطلاق». بعد ثلاث سنوات، جرت جولة ثانية أكبر من التوسع شملت بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا، تلتها توسعات أخرى في أعوام 2009 و2017 و2020، ضُمت وفقها ألبانيا وكرواتيا والجبل الأسود ومقدونيا الشمالية على التوالي.
    مع تفجر أنباء الحرب، عاد كثيرون إلى تحليلات أحد هؤلاء «الواقعيين»، التي تفيد بأن لا شيء مما يحدث ينبغي أن يفاجئ الأمريكيين، بل أنهم يتحملون المسؤولية الأولى عما آلت إليه الأمور. في ورقة منشورة بُعيد أزمة 2014 في أوكرانيا، يقول المنظر في العلاقات الدولية جون ميرشايمر إن ما يحرك روسيا ليس أية اعتبارات أيديولوجية أو أوهام توسعية، بل التهديد الاستراتيجي الذي يمثله انتقال تحالف عسكري كان عدوها اللدود إلى حدودها الغربية. «قد لا تحب واشنطن موقف موسكو، لكن عليها أن تفهم المنطق الكامن وراءه. إنها الجيوسياسة 101». ما يعزز قدرة واشنطن على فهم ذلك هو أن لديها سياسة مماثلة يجسدها «مبدأ مونرو» الأمريكي، القاضي بعدم السماح لأي قوة عظمى بنقل قوات عسكرية إلى نصف الكرة الغربي. «إذا أصبحت الصين قوية حقًا وهددت بتشكيل تحالف مع كندا والمكسيك، وربما حتى نشر قوات عسكرية في تلك البلدان، فإن ذلك سيقود الولايات المتحدة إلى الجنون. لن نتسامح مع ذلك».
    هناك ثلاث حزم من السياسات الغربية في أوكرانيا يرى ميرشايمر أنها قادت إلى تصعيد 2014، الذي انتهى بضم روسيا لشبه جزيرة القرم: توسع الناتو شرقًا، وتوسيع الاتحاد الأوروبي، والتدخل في النظام السياسي وإعادة الهندسة الاجتماعية (بتعزيز الصراعات الداخلية). منذ مؤتمر ميونخ للأمن عام 2007، صرح بوتين بأن على التحالف أن يكف عن التوسع، معتبرًا ذلك تهديدًا وجوديًا لروسيا. بعد أقل من عشرة أشهر، أعلن الناتو في مؤتمره في بوخارست أنه يؤيد تطلعات جورجيا وأوكرانيا في الانضمام إليه. شجع الناتو جورجيا على مهاجمة الانفصاليين في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عام 2008، لترد روسيا بالتدخل المباشر فيهما.
    «كان ينبغي للغزو الروسي لجورجيا في آب 2008 أن يبدد أي شكوك متبقية بشأن تصميم بوتين على منع جورجيا وأوكرانيا من الانضمام إلى الناتو»، يقول ميرشايمر، لكنه لم يفعل. استمر هذا النهج الأمريكي حتى جاءت الشرارة في تشرين الثاني عام 2013، حين رفض الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش صفقة اقتصادية كبيرة كان يتفاوض بشأنها مع الاتحاد الأوروبي، وقرر قبول عرض روسي مضاد. أدى ذلك لتصاعد المظاهرات المعارضة التي دعمتها الولايات المتحدة بأشكال مختلفة، والتي انتهت بفرار يانوكوفيتش إلى روسيا وتنصيب أرسيني ياتسينيوك، الموالي للغرب، رئيسًا للوزراء. كان التدخل الأمريكي في اختيار الأخير واضحًا، بعدما تسربت مكالمة هاتفية بين السفير الأمريكي في كييف جيفري بيات ومساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، عبرا فيها عن اتفاقهما على أن «ياتس» يجب أن يتولى السلطة. بعد وقت قصير، دخلت القوات الروسية إلى شبه جزيرة القرم، معلنة ضمها لروسيا.
    كما يحدث اليوم، فسّر مسؤولون ومحللون غربيون خطوة روسيا على أنها تعبير عن «نزعة توسعية» كامنة في ذهن بوتين، وأنه لن يتوقف عند هذا الحد ما لم يتم إيقافه. لكن ميرشايمر يقول إنه رغم أن بوادر نوايا بوتين ظهرت بالتأكيد قبل 22 شباط 2014، «لكن لا يوجد أي دليل عملي على أنه كان عازمًا على الاستيلاء على شبه جزيرة القرم، ناهيك عن أي منطقة أخرى في أوكرانيا، قبل ذلك التاريخ».
    تكرر هذا التسلسل بتشابه غريب منذ عام 2019، حين عدّلت أوكرانيا دستورها لجعل الحصول على عضوية الناتو والاتحاد الأوروبي استراتيجيتها الوطنية الأساسية. عام 2020، صنف الناتو أوكرانيا وخمس دول أخرى (من بينها الأردن) كـ«شركاء ذوي فرص متقدمة». وفي نهاية العام الماضي، تقدمت روسيا بمسودة معاهدة سُلِّمت لدبلوماسي أميركي في موسكو، طالبت فيها بتعهدات بوقف توسّع حلف الناتو شرقًا وتجميد توسيع البنى التحتية له، مثل منظومات السلاح والقواعد العسكرية، في أراضٍ سوفييتية سابقة، ووقف تزويد أوكرانيا بالمعدات العسكرية، ووقف نصب الصواريخ متوسطة المدى في أوروبا. عبّر بوتين عن أن روسيا لا يمكن أن تقبل بوجود صواريخ أميركية في أوكرانيا يمكن أن تصل موسكو في دقائق. لكن مجددًا، تجاهلت الولايات المتحدة هذه المطالب. كان توسع الناتو والتصعيد الذي خلقه في أكثر من مرحلة أشبه بنبوءة تحقق ذاتها.
    أبعد من «خطأ استراتيجي»
    رغم كل هذه المؤشرات على أن توسع الناتو شرقًا سيقود -أو على الأقل قد يقود- إلى مواجهة عسكرية مع روسيا، ظلت الولايات المتحدة تسير على نفس المسار. كانت كل القرارات الأساسية لتوسيع الناتو أمريكية بالدرجة الأولى. البعض في الولايات المتحدة اعتبر ذلك خطأ استراتيجيًا، لكن هذا «الخطأ» متسق تمامًا مع ضرورات مادية وأيديولوجية أمريكية.
    أولًا، على المستوى الداخلي، يدعونا الباحث الاقتصادي الأمريكي مايكل هدسون إلى فهم السياسة الخارجية الأمريكية لا كنتاج سياسات الحزبين الديمقراطي والجمهوري وإنما، على نحو أكثر واقعية، كنتاج لثلاث تجمعات أساسية من المصالح، متداخلة بشكل وثيق مع الطبقة السياسية الأمريكية: المجمع الصناعي العسكري، ومجمع النفط والغاز، والمجمع المصرفي العقاري. فمنذ ورود أول الأنباء عن هجوم روسي، ارتفعت أسهم الشركات الحربية مثل رايثون ولوكهيد-مارتن وبوينغ، التي تمثل الحرب بالنسبة لها فرصة ذهبية لرفع المبيعات. من جهة أخرى، سعى مجمع النفط والغاز (مضافًا إليها التعدين) منذ سنوات لاحتكار السوق الغربي وعزل النفط والغاز الروسيين، مع تهديد مشروع نورد ستريم 2 بربط اقتصادات أوروبا الغربية بروسيا أكثر من أي وقت مضى. أمّا المجمع المصرفي العقاري، فيسعى على المستوى الدولي لدفع خصخصة الاقتصادات الأجنبية وحصر امتياز التمويل في أيد أمريكية. بالنسبة لهذه التجمعات الثلاث، كان توسع الناتو على مدى السنوات، بما يمثله من تصعيد احتمالات الحرب مع روسيا، في مصلحتها.
    ثانيًا، كان توسع الناتو في التسعينيات ضرورة لبقائه بحد ذاته. فبعد انهيار «الكتلة الشرقية» وحلّ حلف وارسو، فقد الناتو مبرر وجوده، ولم يعد التهديد الأكبر له خطرًا أمنيًا بقدر كان احتمالية تقلص ميزانيته، في إطار ما سمي «عوائد السلام» التي رُوج لها كمكسب مادي من انتهاء الحرب الباردة نتيجة ما يوفره ذلك في الإنفاق العسكري. أدرك مسؤولو الناتو الحاجة للتكيف سريعًا، ففي عام 1996، صرح رئيس الناتو كارستن فويغت بأن التوسع «ضرورة لضمان الدور المستقبلي للتحالف وأهميته» ولضمان «أن يُرى التحالف باعتباره حيًا ومتجاوبًا مع حاجات اليوم». عبّر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي سابقًا، السيناتور ريتشارد لوغار، عن هذه الحاجة الملحة عام 1993 بالقول إن على الناتو «أن يتوسع وإلا سيفلس».[2] 
    بطبيعة الحال، لم تكن الولايات المتحدة ستترك الناتو يواجه مثل هذا المصير. فخلال الحرب الباردة، وفّر الناتو لها آلية لقيادة المعسكر الغربي. وبعد انتهائها، حافظ توسيعه على نفوذ الولايات المتحدة في أوروبا وعزز صورتها كقائدة للعالم، كما وفّر أيضًا آلية للتدخل خارج مناطق الناتو. لم تكن الولايات المتحدة ستترك الناتو وراءها باعتباره إرث حقبة بائدة. عام 1993، نصت استراتيجية الأمن القومي الأمريكي على أن نجاح الولايات المتحدة في الداخل «سيعتمد أكثر -وليس أقل- على نفس نوع القيادة العالمية التي مارستها في النصف الثاني من القرن العشرين».[3]
    يقود هذا إلى بعد ثالث للتمسك الأمريكي بتوسع الناتو والإصرار على تصعيد المواجهة مع روسيا، يتمثل في مبدأ التفوق المؤسس في السياسة الخارجية الأمريكية. عبرت وثيقة «أهداف وبرامج الأمن القومي للولايات المتحدة»، التي أصدرتها وزارة الخارجية الأمريكية عام 1947 (وبقيت مصنفة سرية للغاية حتى عام 1975)، عن هذا المبدأ بوضوح: «أن نسعى لما يقل عن القوة المهيمنة يعني أن نختار الفشل. إن [امتلاك] القوة المهيمنة يجب أن يكون هدف السياسة الأمريكية».[4] على مدى العقود التالية، ظلت هذه الفكرة تتكرر في الوثائق الرسمية المتعلقة بالأمن القومي، حاملة معها تعبيرات عن قناعة بأن الولايات المتحدة بلد فريد ذو نظام متفوق، وأنه «لا غنى عن القيادة الأمريكية للعالم».[5] 
    منذ انتهاء الحرب الباردة، اعتبرت الولايات المتحدة الهيمنة على العالم حقًا مكتسبًا. فقد شكل انتصارها بالنسبة لها دليلًا أفضليتها سياسيًا واقتصاديًا وقيميًا

    منذ انتهاء الحرب الباردة، اعتبرت الولايات المتحدة الهيمنة على العالم حقًا مكتسبًا. فقد شكل انتصارها بالنسبة لها دليلًا على أحقيتها بالزعامة وأفضلية نظامها، ليس السياسي والاقتصادي فحسب، بل القيمي كذلك. إذا كان الأمريكيون قد أعلنوا أن التاريخ انتهى بـ«انتصارهم الأيديولوجي»، وأن المستقبل لا مكان فيه لأيديولوجيات أخرى، فإن الوجه السياسي لهذا الاعتقاد هو أن لا مكان لأنظمة سياسية مغايرة أو معادية أو غير خاضعة للهيمنة الأمريكية. في هذا الإطار، لا يمكن للولايات المتحدة أن ترى بروز قوى غير متحالفة معها إلا كتهديد لها، بغض النظر عن مدى قوة هذه الأطراف.
    قد يعبر الأمريكيون عن مبدأ التفوق والزعامة كـ«مسؤولية أخلاقية»، في استدعاء ساطع لـ«عبء الرجل الأبيض».[6] لكنْ لهذه العقيدة أساس مادي، فالولايات المتحدة تدرك أن فقدانها للهيمنة سيغير شكل العالم وسينعكس حتمًا على الداخل الأمريكي، وعلى هذا الأساس تفسر أي تهديد لهيمنتها الكونية على أنه خطر على أمنها القومي، سواء أتى من روسيا أو الصين أو غيرهما. تقول استراتيجية الأمن القومي المؤقتة، التي أصدرتها إدارة بايدن عام 2021، إن «مصير أميركا، اليوم أكثر من أي وقت مضى، مرتبط بشكل لا يمكن فصله بما يحدث بعيدًا عن سواحلنا (..) علينا أن نقر بحقيقة أن توزيع القوة حول العالم يتغير، بشكل يخلق تهديدات جديدة» وبأن «التحالفات والمؤسسات والاتفاقيات والأعراف التي تضمن النظام العالمي الذي ساهمت الولايات المتحدة في تأسيسه باتت في موضع اختبار».
    بالمحصلة، هناك اليوم اتجاهان أساسيان في الدوائر المقربة من صناع السياسة الخارجية الأمريكية حيال ما يجب أن تفعله الولايات المتحدة في أوكرانيا: الأول يرى أنه يجب مواجهة روسيا، لكن مع التعامل مع التهديد الذي تمثله بشكل استراتيجي، وإعطاء الأولوية للصين التي تفوق روسيا كتهديد، خاصة باعتبار أن اقتصاد الأخيرة لا يمثل سوى عشر الاقتصاد الصيني، فضلًا عن أنه أقل تنوعًا، وأن جيشها أصغر وأقل تحديثًا، إلى جانب الاختلافات العديدة الأخرى بين النموذجين، سياسيًا واقتصاديًا وتنمويًا وأيديولوجيًا. أما الثاني، فيرى أنه يجب على الولايات المتحدة مواجهة البلدين معًا، وأن التراجع أمام روسيا سيدفعها لاستسهال الخيار العسكري، وأنه لا يمكن إهمال أوروبا باسم أولوية الصين حتى وإن كانت الأخيرة بالفعل التهديد الأكبر، خاصة أن الاتحاد الأوروبي ما يزال الشريك التجاري الأكبر للولايات المتحدة.
    اللافت هو أنه، على اختلافهما، يتفق هذان الاتجاهان على أن أحد مفاتيح هذه المعالجة يجب أن يكون دفع أوروبا نحو تحمل حصة أكبر من الكلف العسكرية للتصعيد (حتى مع رفع الولايات المتحدة لإنفاقها العسكري إلى حد غير مسبوق بميزانية قدرها حوالي 780 مليار دولار لعام 2022). هذا ما بدأنا نراه مع إعلان ألمانيا رفع حصة الإنفاق العسكري لما يزيد عن 2% من ناتجها المحلي الإجمالي لأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة. لا أحد في البيت الأبيض اليوم يقول «لسنا مضطرين لخوض حروب أوروبا عنها»، تحديدًا لأنهم يدركون أن هذه حرب أمريكية أكثر مما هي أوروبية. ما يقوله البيت الأبيض اليوم، على ما يبدو، هو أن على أوروبا أن تتحمل عبئًا أكبر في الحرب الأمريكية على أرضها، حتى تحافظ الولايات المتحدة على جهوزيتها لمواجهة الصين. مرة أخرى، ليس هذا سوى تأكيد على أنه في فضاء الهيمنة الأمريكية، لا وجود لدول كاملة السيادة، غربية كانت أم شرقية.
    عن إنهاء حالة العداء
    في خطابه قبيل الحرب، توجه بوتين للغرب بالسؤال: «إذا كنتم لا تريدون النظر إلينا نظرة الصديق، لماذا تحولوننا إلى عدو لكم؟». بالنظر إلى المسار الذي أخذه الاتحاد السوفييتي وروسيا من بعده منذ الثمانينيات، فإن لهذا السؤال وجاهة حقيقية، حتى لدى كثيرين في الغرب ممن يرون أن التهديد الذي تمثله الصين أكبر مما يسمح بدخول مواجهة مع روسيا، خاصة بشكل يدفع الأخيرة نحو التقارب مع جارتها الآسيوية. منذ التسعينيات، لم تترك روسيا الاتحادية فرصة للهجوم على التجربة السوفييتية وشيطنتها وتشويهها إلا وانتهزتها. كانت النخب الروسية -بما فيها بوتين وحاشيته- غربية الهوى، وفعلت كل ما بوسعها لتحسين علاقاتها مع الغرب، حتى أن بوتين نفسه عبّر للأمريكيين أكثر من مرة عن رغبة بلاده بالانضمام إلى الناتو.
    لكن كل ذلك لم يشفع لروسيا أو يجعل الولايات المتحدة تسامحها على ماضيها الاشتراكي. فرغم محاولات روسيا الحثيثة لنيل القبول في الغرب، ظلت تصورات الولايات المتحدة عنها محكومة بذهنية الحرب الباردة. ظلت روسيا موضع شك، وظلت الولايات المتحدة -لا خصومها- تفسر كل مناورة أو تصعيد روسي على أنه محاولة لإحياء الاتحاد السوفييتي بصيغة قومية، حتى حين يقدم بوتين مثل هذا التصعيد على أنه محاولة لـ«تصحيح أخطاء لينين». وحتى حين بدا أن لروسيا أصدقاء في البيت الأبيض، كانت استراتيجية الأمن القومي التي أصدرتها إدارة ترامب (الذي يتهم الديمقراطيون روسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية لصالحه) تصنّف الصين وروسيا كقوى «تصحيحية»، أي ترفض القبول بانتصار الغرب في الحرب الباردة، وتعتبرهما -على الترتيب- أكبر تحدٍ لـ«الأمن والازدهار الأمريكيين».

    ما يقوله البيت الأبيض اليوم، على ما يبدو، هو أن على أوروبا أن تتحمل عبئًا أكبر في الحرب الأمريكية على أرضها، حتى تحافظ الولايات المتحدة على جهوزيتها لمواجهة الصين**
    إن الفوارق والخلافات التاريخية بين التجربتين الصينية والسوفييتية كثيرة وهائلة. لكن أحد أهم هذه الفوارق هنا هو فهم كل من البلدين لموقف الولايات المتحدة منهما خلال فترة الإصلاح وما بعدها. رغم تحولاتها الاقتصادية، ظلت الطبقة السياسية الصينية ترى الولايات المتحدة كقوة رأسمالية مهيمنة لا يمكن إلا أن تعادي الصين. ينقل سمير أمين في نص نشر بعد وفاته هذا الاعتقاد السائد بين المسؤولين الصينيين الذين تعرف إليهم عبر السنوات، بأن الهيمنة الأمريكية هي العدو الأول للصين «كأمة ودولة»، بمعزل عمّا إذا كانت اشتراكية أم لا: «ما زلت مندهشًا من الفارق بين لغتهم وما سمعته من القادة السياسيين السوفييت (عن قناعة على ما يبدو)… بدا لي دومًا أن هؤلاء غافلون تمامًا عن الأهداف الحقيقية لواشنطن وحلفائها الغربيين. إن خطاب غورباتشوف في ريكيافيك [في آيسلندا]، الذي أعلن فيه -بسذاجة لا تصدق- «نهاية» حالة العداء الأمريكي تجاه الاتحاد السوفييتي، هو أمر لا يمكن تخيله في الصين».[7] لقد أثبت الواقع الدرس الذي فهمته الصين مبكرًا، من أن مجرد إعلانك نهاية العداء لا يعني بالضرورة أن الغرب سوف يقبل بك كحليف أو يتقاسم معك موارد العالم.
    لا شيء مما يحدث اليوم من مواجهة بين روسيا والغرب كان حتميًا، وربما الأهم، لم يكن التقارب الصيني الروسي حتميًا أيضًا، ولا كان مدفوعًا بالكامل بعوامل ذاتية. لم تكن روسيا مهيئة أو راغبة حتى في التحالف مع الصين، لكن الغرب بهذا الاستنفار الهائل ضدها والتحشيد غير المسبوق والعقوبات المتتالية في كل المجالات، جعل مثل هذا التحالف مصلحة روسية واضحة، رغم كل التحذيرات من خطورة دفع روسيا بهذا الاتجاه. أمّا بالنسبة للصين، فقد أصبحت أولوية هذا التحالف أوضح من أي وقت مضى. يعبر البروفيسور الصيني في العلوم السياسية يو بين عن ذلك بالقول إن تحسين العلاقات الصينية الروسية اقتصاديًا وثقافيًا بات ضرورة ملحة، «حتى يستطيع أكبر بلدين في أوراسيا أن يتخلصا تمامًا من قانون الغاب الذي يمثله نظام ويستفاليا. في عصر أسلحة الدمار الشامل والذكاء الاصطناعي، قد يكون هذا هو الخيار العاقل الوحيد».
    الهوامش

    Events Calendar | رزنامة الفعاليات**
    تغطية خاصة**
    February 20, 2022**
    مؤنس الرزاز: عشرون عامًا من الغياب**
    November 3, 2021**
    قطر الصغرى الكبرى**
    July 7, 2021**
    عطش في الأفق: أزمة المياه في الأردن**
    March 14, 2021**
    قصة كوبا مع الطب**
    اقرأ/ي أيضا**
    الفن بعد التلفزيون: على درب قوس قزح**
    أزمة الليرة التركية: الاقتصاد كخصم سياسي**
    حضرت الأزمات الاقتصادية بشكل واضح في تاريخ تركيا الحديث، وتقريبًا لم يخل عقدٌ منذ تأسيس الجمهورية من أزمة -أو أزمات- اقتصادية أثرت ليس في ظروف وخيارات الأفراد على الصعيد الخاص فحسب، بل لعبت على الصعيد العام دورًا فاعلًا في توجيه الحياة السياسية وحتى إعادة تشكيلها أحيانًا. مثلًا احتلت الأزمة الخانقة ...
    نيران كايل ريتنهاوس: حقوق القاتل والجريمة الأمريكية المستمرة

    في الخامس والعشرين من آب لسنة 2020، حمل الصبي الأبيض ذو السبعة عشر عامًا كايل ريتنهاوس بندقية آلية وذهب بها إلى ساحة المظاهرات المناهضة للعنصرية في وسط مدينة كينوشا بولاية ويسكونسن ليتصدى لـ«أعمال الشغب» و«إشعال الحرائق» ولكي «يحمي الممتلكات والناس» (بهذا الترتيب).    حدث هذا وسط حملة إعلامية يمينية وحكومية تصور الحركة ...
    الصين ومساراتها: عن السوق والتحديث والاشتراكية

    تركيا وحلف الناتو: تحالف أساسه عدم الثقة**
    عطش في الأفق: أزمة المياه في الأردن**
    زمان الوصل: «سيف القدس» يجترح الأفق الجديد**
    Our Newsletter القائمة البريدية** 
    شروط الاستخدام

    محتوى حبر مرخص برخصة المشاع الإبداعي. يسمح بإعادة نشر المواد بشرط الإشارة إلى المصدر بواسطة رابط (hyperlink)، وعدم إجراء تغييرات على النص، وعدم استخدامه لأغراض تجارية.** 
    عن حبر

    About 7iber**
    زاوية حبر | 7iber Blog**
    اتصل بنا**
    Contact Us**
    ما معنى ما يحدث في أوكرانيا؟
    ** أحمد فاروق عباس
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    المسألة باختصار تدور حول السؤال التالى : هل ستنجح أمريكا بفرض نظام القطب الواحد قسراً على روسيا والصين ، وبالتالى على مجمل الكرة الأرضية أم لا ؟
    فلم يبق أمام أمريكا سوى دولتين فقط تعتبرهما " أكبر من اللازم وأقوى من اللازم " وهما روسيا والصين ، وهما العائق الأكبر أمام سيطرة الانجلوسكسون - أمريكا وبريطانيا - النهائية على العالم .

    والمشكلة بالنسبة لأمريكا أن الحرب معهما مستحيلة ، فروسيا والصين دولتان نوويتان ، وبالتالى لابد من البحث عن وسائل أخرى لعرقلة البلدين الكبيرين أو على الأقل تأخير نموهما ..
    وبالتالى - بديلا عن الحرب - يمكن خلخلة الأوضاع فيهما بوسائل شتى .. منها:
    ١ - تأليب شعوب البلدين على دولتيهما ، بادعاءات الديموقراطية أو حقوق الإنسان ، وإلى هذه المحاولات ينتمى ما حدث في الصين فى ميدان السلام السماوى في بكين في عام ١٩٨٩ ، وما حدث فى روسيا أكثر من مرة ، منها أعوام ٢٠١١ ، ٢٠١٣ وآخرها إضطرابات روسيا الداخلية عام فى يناير ٢٠٢١ .

    ٢ - استخدام تنظيمات الإسلام السياسى لزعزعة استقرار الدولتين ، وكل من روسيا والصين يضم عشرات الملايين من المسلمين ، ومن الممكن خلق تنظيمات تنادى بالانفصال فى كلا البلدين ، وقد تم استخدام تنظيم مثل الإخوان المسلمين فى هذا الإطار ، ومن هنا تم اعتبار الإخوان المسلمين تنظيما إرهابياً في روسيا .
    وإلى هذه المحاولات تنتمى إضطرابات الايجور فى الصين ، ومحاولات انفصال الشيشان فى روسيا فى سنوات ١٩٩٤ ، ١٩٩٨ ، ٢٠٠٤ .

    وهناك آراء لها وجاهتها تذهب إلى أن الغرض الحقيقي والنهائي من الربيع العربي الذى حدث بعد ٢٠١١ ، وإيصال تنظيمات الإسلام السياسى إلى السلطة فى عموم الشرق الأوسط مرتبط بهذه النقطة بالذات ، وهو صنع صدام بين الحضارات ، الإسلام من ناحية والحضارة الصينية والحضارة الروسية السلافية من ناحية اخرى ، تطبيقاً لنظرية واحد من ألمع عقول الغرب والمقرب من دوائر صنع القرار فى واشنطن .. صامويل هنتنجتون .
    ٣ - ومن بين تلك الوسائل لخلخلة الوضع في الدولتين اللعب فى جوار الدولتين ، وخلق حزام من الدول المعادية حولهما : الهند وأستراليا ونيوزيلندا وكوريا وتايوان فى حالة الصين ، ودول أوربا الشرقية وآسيا الوسطى فى حالة روسيا ..
    وهنا تأتى قصة أوكرانيا .

    وخلق الشرخ بين روسيا وأوكرانيا حدث عام ٢٠١٤ ، ففى ذلك العام كان يحكم أوكرانيا فيكتور يانيكوفيتش ، وكان للرجل فهم متوازن لمصالح أوكرانيا ودورها ، وهو ينحدر من منطقة دونيتسك ( التى أعلنت جمهورية واعترفت بها روسيا أول أمس ) .
    رتبت الولايات المتحدة فى ذلك العام ثورة ملونة ( برتقالية ) قام بها من يسمون ذوى القمصان البرتقالية !!

    والثورات الملونة هو الأسلوب الأمريكى المعتمد منذ ثلاثة عقود لتغيير نظم الحكم التى لا ترضى عنها ، والاتيان برجالها إلى الحكم .
    وقد مر أسلوب الولايات المتحدة فى الإتيان برجالها إلى حكم من تريد من الدول بمراحل مختلفة ، من أبرزها:

    ١ - مرحلة الانقلابات العسكرية : وقد وجدت تطبيقها الأبرز فى أمريكا الجنوبية ، وقد رتبت cia عشرات الانقلابات العسكرية من الخمسينات وحتى الثمانينات على طول رقعة العالم الثالث .
    ٢ - قتل رؤساء الدول التى لا ترضى عنهم ، ويمثلون عقبة في طريقها ، وقائمة الرؤساء الذين قتلتهم أمريكا ( أو قتلهم حلفاء لها بإيعاز منها ) متخمة ، من بينها:

    سلفادور الليندى فى شيلى .
    باتريس لومومبا في الكونغو .
    خايمى رولدوس فى بنما .
    عمر توريخوس في بنما .
    صدام حسين فى العراق .
    معمر القذافي في ليبيا .
    الجنرال نجو دييم فى فيتنام .
    بينما تشمل قائمة الرؤساء الذين حاولت قتلهم مرارا ولم تنجح:

    فيدل كاسترو في كوبا .
    أحمد سوكارنو في إندونيسيا .
    جمال عبد الناصر فى مصر .
    شارل ديجول فى فرنسا .
    هوجو شافيز في فنزويلا .
    نيكولاس مادورو في فنزويلا .
    ... وعشرات غيرهم .
    ٣ - مرحلة الثورات الملونة : أصبحت الانقلابات العسكرية أو قتل رؤساء الدول مراحل لا تتسق مع الوجه الجديد الذى لبسته أمريكا ، بحثا عن مصالحها بوسائل جديدة ، تحقق بها نفس الاغراض القديمة ، فتم اللجوء إلى قصة الديموقراطية وحقوق الإنسان ، لتفجير الدول من الداخل بوسائل ناعمة بديلا عن الوسائل العنيفة السابقة ، التى لم تعد تتسق مع روح العصر .

    وإلى هذا النمط ينتمى ما حدث فى أوربا الشرقية منذ التسعينات وإلى الآن ، وإلى هذا النمط ينتمى ما حدث في العالم العربي بعد ٢٠١١ ، وهو ما سمى بالربيع العربي ، بديلا عن ارتداء المتظاهرين ملابس ملونة ذات لون واحد كما حدث فى ثورات أوربا الشرقية .
    وبأسلوب أمريكا المعتاد فى صنع تلك الثورات : يبدأ الأمر باستهداف نظام الحكم القائم ، واتهامه بكل سيئات الدنيا والآخرة ( وبعضها صحيح ) مثل : الفساد - القمع - التفريط - افقار شعبه .... إلخ .

    ثم تأتى المرحلة الثانية وهى شراء النخب الصحفية والإعلامية ، واستخدامها في قصف مركز على عقول وقلوب الشعب ، ثم شراء ذمم السياسيين المستعدين للتعاون مع الغرب نظير المال أو مناصب كبرى .
    تم عمل كل ذلك فى أوكرانيا عام ٢٠١٤ ، وأتوا بممثل كوميدى فى التلفزيون الأوكراني ، وهو الرئيس الحالى زيلنسكى وجعلوه رئيساً لأوكرانيا ، على غرار ما حدث في أمريكا ذاتها فى الثمانينات ، عندما أتوا بممثل أمريكى سابق - رونالد ريجان - ليمثل دور الرئيس ، غطاء للمصالح الحقيقية التى تحكم الولايات المتحدة .

    وبوضع رئيس أوكرانيا الجديد فى منصب لم يكن يحلم به ، حقق الرجل ما طلب منه بالضبط ، وأوله الطلب من الغرب بانضمام انضمام أوكرانيا لحلف الاطلنطى ( الناتو ) ..
    ومن ضمن شروط الانضمام الحلف ، موافقة كل دول الحلف على دخول عضو جديد ، وقد رفضت بعض الدول الأوربية انضمام أوكرانيا للحلف ، تحسبا لرد روسى قوى متوقع على هذه الخطوة الخطيرة ، على الرغم من الضغط الأمريكى القوى منذ سنوات .
    ومع وصول روسيا والصين إلى درجة من الخطر على بقاء أمريكا على القمة العالمية ، لم يكن هناك مفر من بدء مرحلة التحرش بالدب الروسى وتعطيله ، وأصبح الضغط الأمريكى لدخول أوكرانيا الحلف لا يرد .

    ومنذ سنوات جورباتشوف ويلتسين قدمت أمريكا الوعود لروسيا أكثر من مرة بعدم دخول أى من دول أوربا الشرقية لحلف الناتو ، واحترام مصالح روسيا وأمنها .
    وكالعادة .. ألقت أمريكا بوعودها في القمامة ، ودخلت دول أوربا الشرقية واحدة بعد أخرى إلى حلف الناتو .. بلغاريا وبولندا ورومانيا والمجر ... إلخ .

    بقى ثلاث دول فقط تعتبر خاصرة روسيا والطريق إلى قلب الدولة الروسية ، وهم بيلاروسيا ، وكازاخستان ، وأوكرانيا ..
    وحتى هذه الدول شديدة الأهمية لأمن روسيا لم يتركها الغرب في حالها ، ولعبت مخابرات الغرب طويلا فى تلك البلدان ، وآخره - قبل أحداث أوكرانيا - ما حدث فى كازاخستان الشهر الماضي !!
    فمع بداية اليوم الأول من هذا العام ، نظمت مظاهرات وأعمال شغب واسعة فى كازاخستان ، كانت بدايتها استغلال رفع السلطات أسعار الغاز ، وتحولت المظاهرات سريعا إلى عمليات قتل وتخريب للمنشأت ، ومنها البنوك ووسائل المواصلات ، وذهبت الأمور إلى بدايات تنظيم ثورة ملونة كلاسيكية ، وأعلن أن اليد البريطانية لم تكن بعيدة عن ترتيب ما حدث فى كازاخستان .

    وكان من المعتقد أن وزير الدفاع له يد فى تلك الأحداث ، وربما كان هناك من وعده بمنصب أكبر إذا سارت الأمور كما يرجو الغرب ، وسرعان ما تمت إقالته من منصبه ..
    طلبت سلطات كازاخستان مساعدة روسيا ، التى لم تتأخر في تقديمها ، ودخلت على الفور قوات روسية إلى كازاخستان وأعادت الأمور إلى نصابها ، ثم انسحبت راجعة إلى بلادها مع منتصف يناير الماضى .
    وهدأت الأمور مؤقتا فى كازاخستان فى جنوب روسيا لتشتعل بعد أيام فقط في أوكرانيا فى غرب روسيا !!
    فقد جاء الدور على أوكرانيا فى التحرش بروسيا ، والغرب يعرف من أول يوم أن إنضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو من المستحيل أن يجد سكوتاً روسيا كما حدث فى باقى دول شرق أوربا ، ومن المستحيل أن يمر دون رد روسى قوى على وقع خلف وعود الغرب المتعددة باحترام أمنها وسيادتها ..
    وأنه كما قال الروس .. إما الأمن للجميع أو لا أمن لأحد ..
    فأوكرانيا على حدود روسيا مباشرة ، ونصب الصواريخ النووية الأمريكية على أراضيها معناه أن وصولها إلى موسكو لن يستغرق أكثر من دقيقتين ، وأنه من المستحيل أن تعيش دولة أو تنمو في ظل هذا التهديد المستمر والوجودى ..
    تلك هى قصة الصراع الذى تحول إلى حرب فى أوكرانيا ، وهى قصة متعددة الفصول ..
    ولا تمثل أوكرانيا سوى فصل واحد من قصة طويلة ..
    الأستاذ أحمد فاروق عباس

    مع بداية اليوم الأول من هذا العام ، نظمت مظاهرات وأعمال شغب واسعة فى كازاخستان ، كانت بدايتها استغلال رفع السلطات أسعار الغاز ، وتحولت المظاهرات سريعا إلى عمليات قتل وتخريب للمنشأت ، ومنها البنوك ووسائل المواصلات ، وذهبت الأمور إلى بدايات تنظيم ثورة ملونة كلاسيكية ، وأعلن أن اليد البريطانية لم تكن بعيدة عن ترتيب ما حدث فى كازاخستان ..
    وكان من المعتقد أن وزير الدفاع له يد فى تلك الأحداث ، وربما كان هناك من وعده بمنصب أكبر إذا سارت الأمور كما يرجو الغرب ، وسرعان ما تمت إقالته من منصبه ..

    طلبت سلطات كازاخستان مساعدة روسيا ، التى لم تتأخر في تقديمها ، ودخلت على الفور قوات روسية إلى كازاخستان وأعادت الأمور إلى نصابها ، ثم انسحبت راجعة إلى بلادها مع منتصف يناير الماضى ..
    وهدأت الأمور مؤقتا فى كازاخستان فى جنوب روسيا لتشتعل بعد أيام فقط في أوكرانيا فى غرب روسيا !!
    فقد جاء الدور على أوكرانيا فى التحرش بروسيا ، والغرب يعرف من أول يوم أن إنضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو من المستحيل أن يجد سكوتاً روسيا كما حدث فى باقى دول شرق أوربا ، ومن المستحيل أن يمر دون رد روسى قوى على وقع خلف وعود الغرب المتعددة باحترام أمنها وسيادتها ..
    وأنه كما قال الروس .. إما الأمن للجميع أو لا أمن لأحد ..

    فأوكرانيا على حدود روسيا مباشرة ، ونصب الصواريخ النووية الأمريكية على أراضيها معناه أن وصولها إلى موسكو لن يستغرق أكثر من دقيقتين ، وأنه من المستحيل أن تعيش دولة أو تنمو في ظل هذا التهديد المستمر والوجودى ..
    تلك هى قصة الصراع الذى تحول إلى حرب فى أوكرانيا ، وهى قصة متعددة الفصول ..
    ولا تمثل أوكرانيا سوى فصل واحد من قصة طويلة

    هذا مقال يوضح الوضع الراهن فى اوكرانيا، كتبه "اسامة توفيق بدر" مساعد وزير الخارجية المصري وسفير مصر السابق في اوكرانيا (2012-2017) .
    *الطغاة والاغبياء*

    بعد انقلاب ٢٠١٤ في كييف الذي شهدته والذي تم صنعه عبر السفارة الامريكية والذي أداره شخصيا كل من (نائب الرئيس انذاك جون بايدن والسناتور جون ماكين وفيكتوريا نولاند مندوبة امريكا السابقة في الناتو والتي كانت انذاك مساعد وزير الخارجية السابق للشؤون الأوروبية الآسيوية) وقيامهم بالتردد الدائم علي ميدان الاستقلال بكييف، حيث قاموا عبر السفارة الامريكية وعملائها الاوكرانيين وعبر عمليات مخابرات ودعاية سوداء، بعزل الرئيس الاوكراني الاسبق فيكتور يانوكوفيتش (25/2/2010 - 22/2/2014) الذي التزم - ادراكا منه لمصلحة بلاده - بالحياد بين روسيا وبين الناتو، وقيامهم بتعيين رئيس حكومة متعصبه للغرب وهو اليهودي الصهيوني
    ارسيني ياتسينوك" والذي ادار في البرلمان الاوكراني عملية لقطع كل الصلات مع روسيا من حيث اللغه والثقافه والآداب والتاريخ، رغم وجود ٤٠ - ٥٠٪؜ من سكان شرق اوكرانيا من اصول روسية ووجود ٧٠٪؜ - ٨٠٪؜ من الروس في شبه جزيرة القرم.
    وبمجرد صدور قرارات البرلمان الاوكراني تلك وظهور اتجاة الحكومه الجديده لمعاداة روسيا، قامت الحكومة الروسية بالإيعاز لسكان شبه جزيرة القرم الروس في اغلبهم، بتنظيم استفتاء بطلب العودة للانضمام لروسيا وهو الامر الذي تم بنسبة ٩٤٪؜ وافق عليه فورا البرلمان الروسي.
    ثم قامت طغمة الغرب - غير المدركة لمصالحها الوطنية - والحاكمة لإوكرانيا انذاك بانتخاب الرئيس الملياردير *بيترو بوروشينكو* صاحب مصانع الشيكولاته، والغربي الميول والجنسية لرئاسة الدولة الاوكرانية، حيث استمر بسياساته في الاتجاة غربا وقطع روابطه مع روسيا بل وطالب بغباء بالانضمام للناتو والاتحاد الاوربي، واعلن التعبئه لمواجهة روسيا واستعادة القرم عسكريا، وبعدها مباشرة اعلنت الاغلبيه الروسيه في *منطقتي لوجانسك ودونيستك* الانفصال وتكوين جمهوريتين مستقلتين.
    واذكر هنا انه صادف انذاك ان قامت احدي المحطات التليفزيونيه الاوكرانية بعمل حديث معي أذيع في عدة قنوات للترويج للسياحة في مصر، حيث سألتني المذيعه عن كيف اري حل مشكلة القرم؟ فذكرت ان الحل الوحيد للازمة في تقديري هو اتباع العملية السلمية التفاوضية وأن يستقل الرئيس الاوكراني طائرته ويهبط في موسكو ويتحدث مباشرة مع الرئيس الروسي، وذكرت لها أن غير ذلك الاجراء لا طائل من ورائه، لان هناك اي اطراف اخري غير اوكرانية وغير روسية ستحاول البحث عن مصالحها .. وكان هذا التصريح يعكس ايضا الموقف المصري تجاه الأزمة الروسية الأوكرانية وهو الموقف الذي تم الاتفاق عليه مسبقا مع وزارة الخارجية ومع رئاسة الجمهورية.
    ولكن بروشينكو رفض الحديث مع بوتين بل وقاطعه ولم يرد حتى على اتصالاته، ثم طلب بروشينكو توسيط المانيا وفرنسا وامريكا في النزاع، فرفض بوتين ضم امريكا للوساطة ووافق علي توسط المانيا وفرنسا، ورفض بوتين مناقشة موضوع شبه جزيرة القرم، وتم الاكتفاء بنظر مشكلة الدونباس فقط ... واثر ذلك تم التوصل الي اتفاقيتي مينسك 1 ومينسك 2 وكلتاهما لم ينفذا الا في نطاق ضيق، كتبادل الاسري ونزع بعض الاسلحه، حيث رفضت اوكرانيا تطبيق اهم بند فيهما، وهو *تعديل دستورها ليسمح للاقليات الروسيه بالاحتفاظ بلغتها وتاريخها*

    وبعد تصميم اوكرانيا علي الانضمام الي الناتو وامداد الغرب لها بأسلحه نوعية فتاكة، بدأت روسيا بعد 8 سنوات من الصبر ومحاولة حل الازمة تفاوضيا وسلمياً، بدأت روسيا (فبراير ٢٠٢٢) عملية اعادة السيطرة علي شرق اوكرانيا، وقامت قوات روسيا بدخول اوكرانيا، وهي لا تهدف هنا الي احتلال كامل اوكرانيا، ولكنها عمليه بمشرط جراح لها اهداف خاصه وقد قاربت علي الانتهاء ... منها:
    \
  • ضمان "السيطرة علي مصادر المياه العذبة للقرم" وهي المياه التي قطعتها اوكرانيا عن القرم منذ حوالي عام، وبالفعل تم الاستيلاء علي "مدينة خيروسون" مصدر المياه للقرم.\
  • ضمان وجود تواصل أرضي بين أراضي شبه جزيرة القرم وأراضي الجمهوريتين الروسيتين المنفصلتين وهو ماتم بالاستيلاء علي "مدينة ماريوبيل".\
  • ضمان "السيطرة علي المفاعلات النووية الاوكرانية" وقد نجح ذلك فعلا.\
  • ضمان حقوق الاقليه الروسيه في المدن الكبري الثلاث شرقي اوكرانيا "خاركوف العاصمه القديمه وكبري مدن اوكرانيا - دينبروبتروفسكي المدينة الصناعيه الكبري - مدينة اوديسا وميناءها الاستراتيجي" وذلك لكي لا يصبح لإوكرانيا منافذ علي البحر الاسود، وكل هذه المدن تقع شرقي اوكرانيا ذو الغالبية الروسية التي يقسمها "نهر دينبرو" ... فما يقع شرق النهر هو "شرق اوكرانيا" الذي قاربت روسيا من السيطرة عليه.
    اما "غرب اوكرانيا" فروسيا لا تريده ولن تطالب به، لان سكانه ليسوا روساً، وهي فقط ستنزع سلاحهم وستجعلها منطقة منزوعة السلاح بين شرق اوكرانيا وبين بولندا (وهي إحدى دول الناتو)

    الوضع الحالي:
    -روسيا حققت معظم اهدافها وستستكمل الباقي منها، وهي تتبع اسلوب عدم التورط في دخول المدن مباشرة، ولكنها تحاصرها وتظل تقصفها وتدمر بنيتها التحيه بالكامل، وعندما يتحقق ذلك تدخلها وحدات الجيش الروسي بدون صعوبة.

    الخلاصة:
    الحرب قاربت علي الانتهاء والرئيس الاوكراني لم يفهم ان لا احد يمكن له ان يناصره ضد روسيا سوي بكلمات فارغه وقرارات امميه ستُرمي في سلة القمامة، حيث أن رد فعل الغرب كان عبارة عن صناعة حدث إعلامي استخباراتي وصناعة مشاهد إعلامية مرتّبة بهدف التأثير على المشاهد العالمي في كل مكان، الى جانب مقاطعه اقتصاديه لن تجدي وسيتم رفعها بعد وقت قصير من انتهاء كل ما يحدث حاليا.
    وعلينا هنا تذكر ان ايران واقعه تحت الحصار الاقتصادي منذ ٢٠ عاما ومع ذلك لم تتضرر بقوة، وروسيا كذلك ستستفيد من العقوبات بالنظر الي الارتفاع الشديد في اسعار النفط والغاز،
    واعتقد جازما أن اوكرانيا ستوقّع علي معاهدة تُسلم فيها بطلبات روسيا، بل أن روسيا ستنتظر بغير تعجل.
    كذلك اعتقد جازما ايضا أن الرئيس الامريكي جون بايدن ومعه الحزب الديموقراطي هم الخاسر الاكبر، واعتقد انه لن يتم انتخابه لفترة قادمه نظرا لسوء ادارته للازمة.
    وقد استمعت بالصدفه منذ يومين في قناة تلفزيونية الي صديقي العزيز السفير يفجيني ميكاتينكو سفير اوكرانيا السابق في القاهره مرتين وبينهما سفيرهم في الدوحة، وكان نائبا لوزير خارجية اوكرانيا اثناء عملي هناك، حيث قال عن الغرب: "نريد افعالهم لا اقوالهم، فهم ورّطونا مع روسيا ثم تركونا امام قوتها وحضورها ونفوذها "

    اخيرا أقول، كان الله في عون اصدقائي ومعارفي وكل الابرياء في اوكرانيا، الذين يعانون من الأعمال العسكرية ومن جهل زعمائهم لمصالح اوكرانيا الوطنية وموقعها الجيواستراتيجي، ووجهل كيفية التعامل مع كل ذلك بذكاء وحكمة، لا بغباء وتفريط كما حدث وكما نرى ونتابع.

    "الحرب صد الحرب" للوقاية من جنون الرأسمالية

    ليست المرة الأولى التي تبدو فيها الطبقات الرأسمالية السائدة عاجزة عن حل تناقضاتها الداخلية دون اللجوء إلى قانون القوة، فرض قوة القانون. لكن عجزها في الفترة الراهنة عن تصور حلول "شاملة" لتناقضات "شاملة" يدفع أجنحتها المتصارعة الأكثر احتكاكا إلى البحث عن "تدمير المنافس" أكثر من الرهان على " التعايش السلمي". وبما أن" عمليات التدمير" قذرة وباهظة المخاطر، فان "السادة الرأسماليون" ،يخلقون حالة الرعب (بشكل أحادي أو ثنائي، علني وسري) لتوفير الشروط المثالية لصعود "القادة" الأكثر جنونا. ويمثل كل من دونالد ترامب و فلادميربوتين الوجهان البارزان للجنون في المرحلة الراهنة.

    ليست الحرب في أوكرانيا، من نوع "الحروب التقليدية" الناجمة في معظم الحالات عن الصراع بين قطبين حول شكل وشروط بناء الرأسمالية، بل هي شوط من حرب دائمة لتدمير الرأسمالية نفسها. وهي حرب لا مكان فيها لمنتصر ومنهزم بين الأقطاب المتحاربة.

    لكن في غياب قطب اجتماعي وسياسي عالمي حامل لبديل مناهض للرأسمالية وقادر على استغلال جنون قادتها لتحويل الحرب "حرب ضد الحرب"،فان الطرف المنهزم في هذا النوع من الحروب هو الطرف الذي ليس مصلحته الحرب، وهي الشعوب وطبقاتها الشعبية. أكيد أن معركة الشعوب ضد الحرب لم تبدأ بعد ومن السابق لأوانه الحديث عن هزيمة الشعوب، لكن لا بد من الإقرار بان "السلام والديمقراطية" لم يعد هو الإطار السياسي لتعايش وتعاون القوى الرأسمالية العظمى.

    وفي انتظار انطلاق تحركات وانتفاضات وثورات شعبية ضد الحرب الرأسمالية، فان مناخ الهزيمة يساعد هو الآخر، على صعود مجانين من الطبقات الشعبية لا يقلون سوء عن مجانين الطبقات الرأسمالية. وأسوء مجانين طبقتنا، هم المنادون بالاصطفاف
    خلف، اقل أو أكثر القادة جنونا، بدل الإعداد للمعركة ضد الرأسمالية المجنونة.

    كلمة أخيرة للمجانين من طبقتنا: الحد الفاصل بين سلامة العقل والجنون هو تدمير الذات. من يصطف خلف أحد الأقطاب المتحاربة في حروب التدمير، طمعا في شبر فوق "ارض محررة" سيموت بنيران صديقة فوق تراب «الأرض المحروقة"


يسار تركيا

أصدر حزب الشعوب الديمقراطي(HDP)، حزب العمل (EMEP)، حزب حركة الكادحين EHP)) ، جمعية المراكز المجتمعية "Halkevlerî"، اتحاد المجالس الاشتراكية (SMF), حزب العمال التركي (TÎP), حزب حرية المجتمع (TOP)، بياناً مشتركاً إلى الرأي العام العالمي، بصدد الحرب في أوكرانيا.

وجاء في نص البيان:

"نحن لا نؤيد السياسات الإمبريالية  لروسيا وحلف شمال الأطلسي( الناتو) بقيادة الولايات المتحدة التي لا تؤيد إرادة الشعب وتحبسه، الشعب ليس مجبراً لتأييد أي جانب من هذه السياسة، ونحن  لا ندعو إلى حرب ظالمة  والى حشد القوة للحرب نحن نريد السلام ونحن إلى جانب شعوب  العالم التي تناضل وتقف ضد هذه الحرب.

وأضاف البيان: "إن المدنيين يقتلون في دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا، والشعب يضطرون وينزحون بشكل جماعي من مدنهم ويجب على جميع القوى المتحاربة الانسحاب من المنطقة وان يترك لهم الحق في اختيار مصيرهم.

كما وهو واضح للعيان أن الامبريالية والفاشية من خلال التعليمات التي صدرت بحق هيروشيما ,ناغازكي ,فيتنام وحلبجة ،استخدمت الأسلحة النووية بوحشية  والتي مازالت موثقة تاريخياً، كما يجب أن لا نلتزم الصمت ونقف في وجه الحرب بإعلاء صوت السلام وأخوة الشعوب