نضالات المرأة الفلسطينية والحركة الأسيرة) شهادة واقعية - من جانب تاريخي وسياسي


لقد اتسمت الحركة النسوية الفلسطينية بسمة قضيتها الوطنية، منـذ البداية، حيث تميزت بكونها تعيش تحت الاحتلال، هي وأبناء شع...
مريم أبو دقة

لقد اتسمت الحركة النسوية الفلسطينية بسمة قضيتها الوطنية، منـذ البداية، حيث تميزت بكونها تعيش تحت الاحتلال، هي وأبناء شعبها تعاني نتائج ما يفرضه هذا المحتل من ظلم، وتشريد ومجازر، وهجرة، وإبعـاد، واعتقال، وشكلت جزءاً لا يتجزأ من القوى الثورية المقاومة للمحتل. فمنذ عام ١٩١٧م حتى يومنا هذا والمرأة الفلسطينية تناضل جنبا إلـى جنب مع رفيقها الرجل كشريك حقيقي في المقاومة ضد المحتل وللدفاع عن وطنها وأبناء شعبها.... كيف لا؟ وقد تجرعت المرأة الفلسطينية، ومازالت كأس المرارة والظلم من المحتل الغاصب للأرض، وللإنسانية وبذلك سجلت المرأة الفلسطينية ومازالت صفحة مجد في كل محطة، من محطات النضال القديم، والمعاصر، ونالت بجدارة سطور من ذهب، سـجلت فـي وثيقـة الاستقلال (المرأة الفلسطينية حارسة نارنا وبقاؤنا الدائم).

لقد برز دور المرأة الفلسطينية في كل المجالات... دورها فـي زمـن الهجرة اليهودية إلى فلسطين من خلال الاحتجاجات، والرسائل المتنكـرة ومشاركتها في ثورة ١٩٣٦م، فحملت السلاح وداوت الجراح ... وباعـت مصاغها لتشتري بندقية لها ... ولزوجها ولابنها ... أرضعت أبنائها حليب الثورة فصنعت أبطالاً وبطلات ... ورسمت زخارف هندسية شكلت وحمت التراث الفلسطيني الذي كان محطاً للسرقة والتزييف من قبل الاحتلال.

وقادت عمليات استشهادية بطولية، واستشهدت ضاربة أروع امثلة للتضحية والفداء، فكانت (حلوة زيدان ولينا النابلسي) وغيرهن، فكانت (شادية أبو غزالة أول شهيدة في الثورة الفلسطينية المعاصرة، ودلال المغربي، تغريد البطمة، ريم الرياشي، سناء إدريس، مها نصار، غيرهن).

لقد كنا اسيرات عجت بين السجون والمعتقلات، وضربن أمثلة في الصمود والفداء، وسطرن تاريخا مجيدا للحركة الأسيرة الفلسطينية ( فاطمة برناوي، رسمية عودة ، عايشة عودة، عبلة طه ، وعصام عبد الهدي سهام الوزني، رشيدة عبيد، رندة النابلسي، عايدة سعد، نهلة البايض وصبحية سكيك، ولمعة مراد، حورية الشرافي، روضة حبيب، هناء شلبي، كريمة الشرافي، رحاب السالمي ، خديجة فارس، نورا أبو مرسة، سميرة مهناء حربة أبو قمر، وداد المدهون، فيروز عرفة، صبحية الجمل، نعمة الحلو، صمود كراجة، وفاء البس، فاطمة الزق، دعاء الجيوسـي، فتحيـة الطلاع، وغيرهن عشرات الآلاف - خمسة عشر ألف أسيرة محررة دخلن السجون وخرجن منذ عام 1967م حتى الآن وما زالت 19 أسيرة خلـف القضبان، وعشرات الأسيرات اللواتي تم إبعادهن قسـرا خـارج حــدود الوطن، ( عصام عبد الهادي، رشيدة عبيدو، رسمية عودة، سهام الـوزني، فاطمة برناوي، وكان لي نصيب بأن أكون أولى المبعدات من قطاع غزة الحبيب، حيث قصد الاحتلال اقتلاع الأسيرات المحررات من أرضنا، أملاً في أن ينسينا قضيتنا، ويرهب الأسيرة الفلسطينية مـن السـماح للنسـاء للمشاركة في المقاومة خوفاً من هذا العقاب ، فمارس سياسة الاعتقالات، والأبعاد مستفيداً من الموروث الثقافي، وحساسية وضع المـرأة ، وحـاول في بالتضليل الإعلامي للنيل من مشاركة الفتيات – فارتدت تلك السياسة عليه، وذلك من خلال الصمود والإصرار على المشاركة، حيث لعبت المرأة دوراً هاماً ، في العمل الفدائي من ناحية، وفي حمايته من ناحية أخرى، وتوفير الجانب اللوجستي له ، فقلبت بذلك السحر على الساحر، وحولت السـجون إلى واحة للتطلع للحرية....، وحولت أحلام السجان للمعتقل، حيث جعلتـه دائم التفكير في المعتقل .

وبذلك لم تكن المرأة الفلسطينية كما يحاول البعض تسويقها، بأنهـا أم الشهيد، والأسير بل هي الشـهيدة، وأم الشهيد، والأسيرة وأم الأسـير والجريحة وأم الجريح، بل كانت ومازالت المناضلة والقائـدة، التـي تلـد النصف الآخر وتربيه، أم القائد أبو عمار، والقائد جورج حبش، والقائـد أحمد ياسين، والقائد فتحي الشقاقي، والقائد عمر القاسـم، والقائـد أحمـد سعدات، وغسان كنفاني، وأبو جهاد، وحيدر عبد الشافي، ومحمود درويش، والبرغوثي، ودلال المغربي، وشادية أبو غزالة وغيرهم، فكانـت فدائيـة وتحمي الفدائيين ... قائدة مجموعات فدائية وأم جيدة في بيتها توفر الدفء لأبنائها، كانت ومازالت السياج الحقيقي لوحدة الوطن، والأرض والهويـة لذلك جاءت في صورة هذا الوطن في الأدب الفلسطيني المقاوم، وحفظـت التراث وطورته، مما يناسب المكان والزمان الذي تعيش فيـه، وجعلـت للكرامة معنى فلسطيني خاص.

إن تاريخا بطعم الحرية، لا يمكن أن تختصره مقالة أو ورقة عمل، أو كتاب، أو مجلد، لكن من الواجب تسليط الضوء على ظاهرة نبيلة لم يسمح الوقت الذي نعيش فيه، من إعطائها الحق الذي تستحقه، الا وهي ظـاهرة الأسيرات المحررات.

فلقد كان هدف الاحتلال منذ عام 1967 حتى اللحظة استهداف النسـاء لعدة أسباب:

- خلق رعب في المجتمع الفلسطيني، لتكون النتيجة حبس النساء فـي البيوت، ومنعهن من الانخراط في الثورة، مستفيداً من الموروث الثقـافي وحساسية وضع النساء

- استهداف الفتيات الصغيرات، حيث عج السجن بفتيات أغلبهن في سن الرابعة والخامسة والسادسة عشر من العمر، ونساء تجاوزن الستين والسبعين، وكان هدفه وقف نمو الفتيات الطبيعي وتدمير مستقبلهن ، وإهانة المجتمع الفلسطيني من خلال اعتقال كبيرات السـن، حسـب المعتقـدات العربية، لكن إيمان المرأة الفلسطينية البطلة، وانتمائها الـواعي لقضيتها، والتفاف مجتمعها الفلسطيني وأسرتها، ودعمهم لها، والاعتزاز بها، جعلهـا تسجل ضربة قاضية على السجان والمحتـل ، فكانـت طلائـع النسـاء والأسيرات المحررات شرارة ثورية، ليتقدم جيش من الفتيات للنضال، مما عزز صمود الشعب والمقاومة، وهزم إرادة المحتل.

حقا رغم صعوبة وقسوة المسيرة في بدايتها وعدم وجـود إعـلام أو صليب أحمر أو أي وسيلة تدلل على حالة الأسير والأسـيرة بشـيء مـن القدسية والوحدة الوطنية والتضامن في وجه الجلاد وذلك لحمايـة بعضـنا البعض، وكان اسم فلسطين، هو اللحن الوحيد الـذي نعزفـه فـي وجـه الاحتلال، فلهذا لم يستطيعوا هزيمة الحركة الأسيرة أو كسر إرادتها التـي تعززت بوحدتها تحت شعار فلسطين الأساس، وأن كل التنظيمـات هـي خارطة طريق نحو فلسطين وليس العكس، لذلك انتصرت إرادة الأسيرات والأسرى في وجه السجان.

ولقد تحملت هذه الكوكبة من الأسيرات عذابات كبيرة، لا يمكن للعقـل البشري تصورها، وفي سن مبكرة ومخالفة للقوانين والمواثيق الدوليـة حيث مارس الاحتلال أساليب القمع والبطش، بحق الأسيرات بغض النظر عن العمر، والجنس، وكانت النتيجة أن هناك نتائج فادحة للأسيرات بعـد التحرر .... حيث أكدت أول دراسة من نوعها لكتلة الأسيرات المحررات في قطاع غزة (د/مريم أبو دقه، د/إياد السراج، د/ سمير زقوت) بعنوان: "الآثار الجسدية والنفسية بعيدة المدى على الأسيرات المحررات "، أن كل الأسيرات المحررات يعانين من أمراض نفسية وجسدية، إضافة إلى الظلم - الذي يتعرضن له... لقد حرمهن الاحتلال مـن اسـتكمال دراستهن ... وأغلبهن لا عمل لهن ... ولم تهتم الحكومات، ولا الفصائل، ولا منظمـات المجتمع المدني، بالعناية بهن (الدعم النفسي والقـانوني – وتـأمين حيـاة كريمة لهن) كما أصبحن يعشن في عزلة عـن الانـدماج الحقيقـي فـي المجتمع، وأصبح هناك حالة اغتراب بينهن وبين المجتمع، البعض منهن لم يتزوج والبعض الآخر طلق بسبب الاعتقال والبعض تزوج زواجـا غيـر متكافئ وذلك محاولة من الأهل لحماية ابنتهن – والبعض منهن أنجبن في السجن، وصور كثيرة مؤلمة - جزء كبير منهن بلا عمل – بـلا تـامين صحي، لا يمتلكن سكنا يليق بهن، ولا يوجد معرفة حقيقة بأسماء كل النساء اللواتي دخلن السجن؛ بل هناك اختزال لعدد أصابع اليد وهذه الأعداد الكبيرة من النساء اللواتي شكلن مخزون نضالي كبير، وكن علميا مشاركة سياسية هامة للمرأة الفلسطينية طويت في سجل النسيان وكان التذكير بهن كأرقام خاوية من المضمون الفعلي لهن، وهذا ما يجسد السؤال الدائم، لمن يريد أن يكتب في مقال عن المرأة، ما هو دور المرأة الفلسطينية فـي النضال الوطني ؟! نعم هذا التاريخ مغيب في الوقت الـذي نـدرس فيـه التاريخ النضالي للنساء أمميات وعربيات فننسى أو نتجاهل بطـلات مـن بلادي، " هذا هو الزمن المفقود."

وحتى اللحظة لا يوجد اهتمام حقيقي لهذه الشريحة التي كتبت تاريخـاً مشرقاً، وصفحة مجد للمرأة والوطن، هذا جزء مـن تـاريخ مقـاوم وتجارب كل الشعوب أعارت اهتمام كبير لهذه الفئة، لأنها طليعية متقدمة وهن قوة مثل لمجتمع مازال يرزح تحـت الاحتلال، إن هـذه الكوكبـة المناضلة من النساء، هي خير شاهد لكل العالم علـى عنصـرية وفاشـية المحتل، وهن المثل الأعلى للوحدة الوطنية التي ننشدها، وأبسط حقـوقهن، رعايتهن فهن كنز للثورة والوطن، وهن الأجـدر بالرعايـة الاجتماعيـة والعيش بكرامة، أي أن يخصص لهن راتب مقطوع يضمن لهـن العـيش بكرامة، وضمان العلاج المجاني، وإعادة التأهيل وأن يعاد النظر في قانون الأسرى بخصوص المرأة، حيث أن الموروث الثقافي ينظر للمرأة نظـرة غير عادلة – فالمرأة التي تعتقل ليوم واحد تدفع الثمن طول حياتها، وذلك بعكس الرجل؛ ولذلك لا بد من إعادة الاعتبار لصورتهن ولـدورهن، ولا يختزل هذا التاريخ لجيش من المناضلات النسويات، بعدد قليل من النسـاء اللواتي عرفن في النضال، ولا بد من الاستفادة من إمكانياتهن النادرة فـي القضية، وفي فضح جرائم الاحتلال.

وعلى السلطة أن تكرم هؤلاء النسوة جميعهن، لأنهن قدمن زهـرات شبابهن بصمت ودون ضجيح، كما أنه من الضروري أن تـدرس هـذه التجارب كمساق في الجامعات، ومادة في الوطنية في المدارس - حتـى لا يدعي من يقرأ التاريخ، أن دور المرأة كان أقل شأناً، وإن ضعفت في وقت معين، فالسبب هو المجتمع، وهنا لا بد من مطالبة القـوى الطليعيـة فـي المجتمع لتقوم بدورها، وتهيئة وتخفيف دور الظروف الموضوعية التـي ترمي بثقلها على صدر المرأة.

ولنلق نظرة بسيطة على الواقع المعاشي للنساء الفلسطينيات المتبقيـات في سجون الاحتلال، فنجد أنهن يقمن بنفس الدور الذي يقوم به زملائهـن المعتقلين في الإضراب عن الطعام والتصدي لسياسة المحتل، ولذلك أرى أنه من الضروري أن تهتم كافة الأطر النسوية وعلى رأسها الاتحاد العـام للمرأة الفلسطينية، ووزارة المرأة، والتنظيمات الفلسطينية في دعم الأسيرات المحررات، والأسيرات داخل السجون، لأن ذلك أبسط الحقوق لهن فإذا لم نكرم الشهيدات والأسيرات، من نكرم؟! وإذا لم نكرم المناضلات في سياق نضالهن، فهل نكرمهن بعد الوفاة؟! أو حتى تغيب عنا أسمائهن!!!!

ومازال يقبع في سجون الاحتلال تسعة عشر أختا ورفيقة يقاومن بكـل عزة وشموخ خلف القضبان ويسجلن صفحات مشرقة لتاريخ أمة مصممة على الانتصار.

ونحن الأسيرات المحررات نؤكد من خلال تجربتنـا المريرة التي تعرضنا لها في سجون الاحتلال بأن سياسية الكيان الصهيوني مارسـت ضدنا، وضد أبناء شعبنا أساليب فاشية، لا يمكن أن يتصورها العقل، فنحن النساء الحاضرات في هذا اليوم جزء بسيط من أعداد غفيـرة مـن نسـاء وفتيات فلسطين اللواتي تعرضن للاعتقال لأكثر من مـرة فـي سـجون الاحتلال (15000) أسيره محررة.

إن الأسيرات المحررات ينتمين لفترات مختلفة مـن الـزمن وأجيـال متعاقبة منذ عام 1967 حتى يومنا هذا، عدد منهن اقتلعن خارج الوطن بعد انتهاء الحكم، أو من خلال صفقة، والبعض قضين أكثر من عشر سنوات، والبعض منهن أجهضن داخل السجن من التعذيب والبعض الآخر أنجبن في السجن في ظروف قاسية وخطرة، ولم يسمح لهن باحتضان أطفالهن بعد الولادة (هانم المصري - عايشة الكرد - فاطمة الـزق- أميمـة الأغـا) إضافة إلى الإصابات التي أصيبت بها الأسيرات جـراء التعـذيب ، فلقد استخدمت أساليب قاسية، ولا إنسانية، بدءاً من الضرب على الرأس، ورش الماء الساخن والبارد على الأسيرة، مروراً بإطفاء أعقاب السجائر في جسم الأسيرة، والضغط على بطن الحامـل لإجهاضـها والسجن الانفـرادي والإداري – (في زنزانة شديدة القذارة تشبه القبر تماما) حجمها لا يتسـع لفرد واحد بالكاد، وفيها لا ترى الأسيرة الشمس ولا تتنسـم الهـواء، ولا تعرف الليل من النهار.

ومن الأساليب القاسية أيضا:

- تعرية الأسيرة في مصلحة التحقيق وتجريدها من ثيابها أمام والده أو زوجها أو خطيبها أو أخيها، وأمام الجنود، والتهديد بالاعتداء الجنسي للأسيرة (الشرف) وفي حالات تم اغتصابها، منع الزيارة عن الأسيرة لمدة 6 شهور أو أكثر، بسبب عدم الاعتراف، عدم السماح بدخول أية احتياجات للأسيرات، والطعام غاية في السوء وقليل للغاية.

- الاعتداءات المتكررة على الأسيرات في حال الإضراب عن الطعام، يتم إطعام الأسيرات قسراً (بالبربيش) عبر الأنف المؤلم والخطير، ومنـع الأخبار وأية وسائل ضرورية، (كتـب - دواء - ملابس وغير ذلك للأسيرات) إضافة إلى التعذيب النفسي، والألفاظ البذيئة التي يعاني منهـا الأسيرات والتشويه الذي يمارسونه ضد الأسيرات، مستفيدين من الثقافة البالية حول المرأة.

- منع الأسيرات من النوم، وقتما يشاءون أو وقتما يـروق لهـن بـل إجبارهن على النوم في وقت محدد والصحوة فجـرا والعمـل 8 ساعات لصالح الاحتلال، وبعد نضالات طويلة للحركة الأسيرة استطعن من تحسين ظروف السجن بحيث استطاع عدد من الأسيرات من استكمال دراستهن بالسجن.

ولا تنتهي معاناة الأسيرات بخروجهن من السجن بل تبقـى المعاناة معها بعد الخروج من السجن حيث يحدث التصادم مع الثقافة المتناقضة في المجتمع، ففي الوقت الذي يقابل به الأسير والأسيرة كأبطال فور تحـررهم من السجن، تبدأ مرحلة التمييز ضد المرأة - فتطلق من كانت متزوجة إذا علم زوجها بفترة السجن، وتفسخ خطبة من كانت خاطبة قبل السجن بعـد خروجها بسبب السجن – ولا تتزوج الفتاة في الأغلب بسبب السجن، ومن تتزوج تعاني أيضاً من زوجها حيث تتغير العلاقة بعـد فتـرة ويشـعرها زوجها بأنه تنازل كثيرا عندما تزوجها، والبعض منهن أجبرهن أهلهن على الزواج كزوجة ثانية حتى تتوقف مشاركتها الفاعلة في النضال، وأهملـت من زوجها، وتعيش مهجورة – فهي لا مطلقة ولا متزوجة فعليا.

وتعيش العديد من الأسيرات في عزلة حتى وسط أهلها، يعانين نفسياً واجتماعياً واقتصادياً والعديد منهن توفين بالجلطة والسرطان أمثال (يسرى أبو طاحون- آمنة الشناط) ، والبعض يصاب بالسرطان والسكر والضغط وغيره من الأمراض المزمنة ، والعدد الأكبر منهن لا مصدر له في حيـاة اقتصادية كريمة، واختزال تاريخ عدد من الأسيرات بعــدد يـسـيـر مـن الأسيرات المحررات ، وغالبية الشعب الفلسطيني لا يعرف بطلاته اللواتي سجن قبل كثير من الرجال في النضال من أجل حرية الوطن والشعب، ولم يلقين أية عناية جدية من الحكومات الفلسطينية المتعاقبة ولا من مؤسسـات المجتمع المدني، ولنا الفخر فـي جمعيـة الدراسـات النسـوية التنمويـة الفلسطينية أن نكون المؤسسة الأولى التي ترعى وتدعم وتؤهل الأسيرات المحررات وأهالي الأسيرات والعناية بالأسيرات داخل السـجون، تحـت شعار فلسطين أكبر منا جميعاً، عبر برنامج دعـم وتأهيـل الأسـيرات المحررات، ليكن عماد لخيمة فلسطينية قوية، وعنوان الوحدة الفلسطينية، كمناضلات فلسطينيات، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية المختلفة.

إن المرأة الفلسطينية والأسيرات الفلسطينيات المحررات والمعتقلات داخل السجون على وجه الخصوص تطالب السلطة والفصائل والمؤسسات الحقوقية والإنسانية وكل أحرار العالم، لرفـع صـوتهم وتفعيل دورهـم ونشاطهم في مساعدة الشعب الفلسطيني والمرأة الفلسطينية في التخلص من هذا الاحتلال المجرم، والتضامن الفعلي مع الأسيرات والأسرى في سجون الاحتلال وساعدتنا من خلال حمـلات الضغط والمناصـرة للأسيرات والأسرى من أجل إطلاق سراحهم، إن في سجون الاحتلال عددا لا بأس به من الأمهات والفتيات اللواتي يعانين من أمراض خطيرة، فالإهمال الطبـي من قوات الاحتلال، والمنع الأمني من زيارة ذويهم بحجة الأمـن، بحيـث تمنع أمهات بعمر الثمانين عاماً من زيارة أبنائهم وأطفال يتمنون زيـارة آبائهم وأمهاتهم.

والعدد الأكبر يتكبد المشقة ليتمكن من الزيارة إضـافة إلـى أسـاليب التفتيش المهينة للأهل المسموح لهم بالزيارة حيث يعاملهم المحتل بطريقـة غير إنسانية، وزيارات من وراء الأسلاك دون رؤيـة وجـه الأسير أو الأسيرة بشكل كامل.

وإن التاريخ المشرف لابد أن تسطره الأسيرات المحررات والمناضلات الفلسطينيات بأيدهن حتى لا يزوره غيرنا بما لا يليق بنساء فلسطين.

وهذه الرسالة الأساسية لجمعية الدراسات النسوية، فكـان لهـم جـل الاهتمام في كتابة تاريخهن بأنفسهن ودعمهن نفسياً وقانونياً وتوفير الرعاية الاجتماعية بقدر ما تسمح به الإمكانيات إضافة إلى إعادة الاعتبـار لـهـذا الملف الهام لنساء وهبن الوطن أجمل أيام شبابهن وحريتهن دون الالتفـات نحو الخلف من أجل هذا التاريخ والحاضر والمستقبل، فنحن نطالب بان نعطى هذا الملف حقه الكامل حتى نمكن كل النساء مـن الالتفات حـول ثورتهم ومجتمعهم وحماية والمشاركة الفعلية للتصدي للمحتل.

وهذا يتطلب التالي:

- ضرورة توثيق تجربة الأميرات المحررات،

- ضرورة تدريس التجربة في المدارس والجامعات

- تعديل القانون الخاص بالأسيرات في وزارة الأسرى حيث تشطب السنوات بخصوص المرأة، وصرف راتب مقطوع بخصوص الأسيرات المحررات يضمن حياة كريمة لهن.

- تأمين الجانب الصحي للأسيرات المحررات، وتأمين صحي لمعالجة سنوات السجن القاسية.

- ضرورة مشاركة الأسيرات المحررات فـي المـؤتمرات الدوليـة والعربية لفضح سياسة الاحتلال تجاه المرأة الفلسطينية.

- تشجيع الإبداعات النسوية من الأسيرات المحررات.

- مساعدة أبناء الأسيرات المحررات بالدراسة المجانية.

- الدعم النفسي والقانوني للأسيرات المحررات.

- إطلاق حملات تضامنية محلية وعربية ودوليـة لإطـلاق سـراح الأسيرات داخل السجون.