الإسلام السياسي وطبيعته الليبرالية


1. المعارضة الإسلامية السياسية

المعارضة السياسية الإسلامية بالمغرب تريد إقامة الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامي...
Nasima Zidane
  1. المعارضة الإسلامية السياسية

المعارضة السياسية الإسلامية بالمغرب تريد إقامة الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية. وهذه وصفة للاستبداد والخراب طبعا. أما الاقتصاد المعقلن فلا يهم الإسلاميين ونظرتهم الاقتصادية قريبة جدا من النموذج الرأسمالي. فالإسلامي سيستخرج لك من نصوص الإسلام كل ما يبغيه خاطرك ويشتهيه قلبك: "الاشتراكية الإسلامية"، "الرأسمالية الإسلامية"، "التكافل الإسلامي"، "الميركانتيلية الإسلامية"، "البنك الإسلامي"، "الخيرية الإسلامية"، "الدينار الإسلامي"، "الغنائم الإسلامية"، "التجارة الإسلامية"، "إعادة توزيع الثروة الإسلامية"...إلخ. المطلوب منك هو فقط القبول بالدولة الإسلامية والشريعة الإسلامية والخضوع لخليفة المسلمين ثم التوكل على الله. ولكن الشيء المؤكد تأكيدا تاما هو أن الدولة الإسلامية دولة استبدادية طغيانية لأنها قائمة على الطاعة العمياء للخليفة ما دام يقيم الصلاة، ولأن هدف الدولة الإسلامية هو نشر الإسلام ودحر الأديان الأخرى ومنع كل فكرة أو كلمة أو سلوك أو كتاب أو فيلم يتعارض مع الإسلام. الدولة الإسلامية (من أجل حماية ونشر الإسلام) تتحكم في عقل المواطن وسمعه وبصره وتصرفاته وكلامه ولباسه ووقت أكله وشربه وما يأكله وما يشربه وما يسمعه وما يراه وما يقرأه. فهذا نظام استبدادي كامل.

  1. اليوطي، الاستعمار الفرنسي والاسلام السياسي

ما نعيشه الان من اسلام رسمي تحت إمارة المؤمنين هو استمرار لسياسة اليوطي.

بعد أشهر من تواجده في المغرب كتب رسالة إلى الكونت ألبير دومان عضو البرلمان الفرنسي، يشرح فيها خطته لاحتلال المغرب قائلا "لو أمدتني فرنسا بمائة ألف جندي لن يجدي الأمر شيئا، ستجمد حركتهم. هذه البلاد لا يمكن معالجتها بالقوة فقط. الطريقة المعقولة، والوحيدة، والأنسب، والتي أرسلتني فرنسا من أجلها، أنا وليس شخصا آخر غيري، هي اللعب الدائم على حبلي السياسة والقوة".

  1. السياسة الإسلامية التفريقية لليوطي

فبعد تحليله للوضع المغربي قرر ليوطي اعتماد "سياسة إسلامية" من أجل إحكام قبضته على البلاد، واعتمدت سياسة المقيم العام الفرنسي بحسب ما يورد المؤرخ المغربي جامع بيضا في مقال له على مبدأ التوقير والاحترام، تجاه كل ما يتعلق بـ"الأهالي": ديانتهم، عاداتهم المحلية، مؤسسات حكمهم، ومؤسساتهم الاجتماعية التقليدية٬ من قضاء وأحباس وتعليم. وكان الهدف من ذلك أن "لا يشعروا بأنهم يعيشون٬ مع الوجود الفرنسي".

وهكذا فقد منع ليوطي المغاربة من ولوج الحانات، و أمر بتجريم "السكر العلني"، ومنع غير المسلمين من دخول المساجد، وحظر التبشير...

وفي تعليق منه على "السياسة الإسلامية" التي انتهجها في المغرب قال بحسب ما أورده الباحث دانيال ريفي Daniel Rivet صاحب كتاب "ليوطي ومؤسسة الحماية الفرنسية بالمغرب"، (قال) "لم أتمكن حتى الآن من إحكام القبضة على المغرب، إلا بفضل سياستي الإسلامية. إني متأكد من جدواها، وأطلب بإلحاح ألا يفسد علي أحد لعبتي".

أتت سياسة ليوطي أكلها، ويتحدث بعض المؤرخين بحسب مقال منشور في مجلة الآن عدد 6 إلى 12 أبريل 2012، كيف ارتفعت الدعوات من على منابر المساجد بالشفاء لليوطي بعد إصابته بالتهاب كبدي سنة 1923، بل شاع بين المغاربة حينها أن المقيم العام اعتنق الاسلام.

لم يتوقف ليوطي عند هذا الحد، فقد نجح بفضل سياسته الإسلامية في تجنيد العلماء، الكبار منهم خصوصا، أمثال أحمد بن المواز وأبي شعيب الدكالي وعلماء من مراكش، واستصدر منهم فتاوى تبيح اصطفاف المغاربة مع فرنسا في الحرب العالمية الأولى، علما أنهم سيقاتلون خلال هذه الحرب دولة إسلامية، هي الدولة العثمانية.

وتم تحت إمرته إخضاع السهول الأطلسية وجبال الأطلس المتوسط وتمت المواجهة ضد قبائل الريف. كما أنه كان يروج أفكار فرنسا التي ترى أن هذه الأعمال العسكرية تدخل في إطار سياسة التهدئة أي أنها ليست عملية غزو بل إخضاع لقبائل متمردة على السلطان.

وبذلك يكون قد نجح في اعتماد سياسة جنبت فرنسا كثيرا من الخسائر البشرية والمادية عن طريق استمالته لكبار رجال الدين والقواد الذين أطلق أيديهم في مناطق شاسعة وسمح لهم باستغلالها حسب أهوائهم شريطة ضمان الأمن داخلها.

وبعد انتهاء مهتمه على رأس الإقامة العامة، عاد ليوطي إلى فرنسا، لكن الحنين ظل يشده إلى المغرب. عندها، رسم ليوطي مخططا لضريحه وأوصى بدفنه في المغرب، وأن تكتب على قبره بحسب ما أوردت مجلة "الآن" في مقالها العبارة التالية: "هنا يرقد لويس هوبير ليوطي، أول مقيم عام لفرنسا في المغرب، المتوفى في رحم الديانة الكاثوليكية التي حصل، في إطار إيمانه العميق بها، على آخر الأسرار المسيحية، والذي كان يحترم بعمق تقاليد الأسلاف والدين الإسلامي الذي حافظ عليه ومارسه سكان المغرب، حيث أراد أن يرقد، بين رحابهم، في هذه الأرض التي أحبها بشدة".

  1. إسلام العدل والإحسان بصيغة عبد السلام ياسين

خاطب الإمام عبد السلام ياسين في اطروحته الشهيرة “الإسلام أو الطوفان”، وبأسلوب مفعم بالأدب، خمول العلماء وتشتت صفوفهم “…ولو قدرتم سادتي العلماء أن تطرحوا كبرياءكم وشحكم لذهبت عنكم الغثائية وداؤها، ولاجتمعتم، فاجتمعت الأمة عليكم، إنكم الحلقة الضرورية في غد الإسلام الزاهر بين القيادة المجاهدة والأمة، وإن الأمة لن تسمع إلا لندائكم إن اتحدتم وتطهرتم وتزكيتم”

ودعا الأستاذ محرّضا نخبة العلماء على الانخراط في عملية التغيير المفضي في نظرية المنهاج النبوي إلى قيام “دولة القرآن” بما تحمله من دلالة حمل الدولة القطرية لقيم الإسلام ورسالته في الحكم، بخطاب صريح هذه المرّة إلى الاصطفاف في وجه الظلم والتغلغل في صفوف الشعب لتربيته واستنهاضه للمطالبة بحقوقه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فكتب “…وأنتم يا علماء المسلمين، يا ملح الأرض، يا أيها الناعسون؟ أنتم أهل الحق فتكلموا … يا علماءنا يا أصحاب الفضيلة! إن للفضيلة عليكم لحقاً، وإنكم طوقتم أمانة الإسلام، فلم نرى بعضكم يخونها وجمهوركم ساكت؟ ثم نرى بعضكم سابحا في تفاهات المناصب، والامتيازات بعيدا عن الجهاد … أنتم سادتي أهل الحق وقد آن أن تقوموا لله وتصطفوا في وجه الكفر والظلم وترفعوا أصواتكم بكلمة الحق… وإنكم فرسان الميدان لو عَقَلتم الدور الذي خص به الله العلماء في المجتمع الإسلامي، وإن العلماء بصلاحهم يصلح أمر الأمة، وإن فساد مجتمعاتنا المسكينة ناتج عن تراكم الأمراض الخلقية والسياسية التي كان يعالجها سلفكم الصالح أيها العلماء، بطب الإيمان في مجالس القرآن، يوم كان العلماء يجالسون الشعب في المسجد يتعهدون كل يوم مشاعره ويقاسمونه همه”

بعد هذا اتضح البرنامج