قفة رمضان والثروة من المستفيد ؟


عدى بعض "المحسنين في الجمعيات الخيرية" التي نجدها في بلدان الخيرات الغير عادلة أو المحاصرة (associations caritatives), ...
Nasima Zidane

عدى بعض "المحسنين في الجمعيات الخيرية" التي نجدها في بلدان الخيرات الغير عادلة أو المحاصرة (associations caritatives), من المستفيد الفعلي سياسيا واجتماعيا من القفة الموزعة بضجيج الكاميرات والمكروفونات من طرف رجال ونساء السلطة على المعوزين والفقراء ؟

  1. أول المستفيدين معنويا هو رأس الدولة. يرسخ سويته كملك للفقراء وملك الضعفاء. الا ان هذه الصورة تنهار أمام معطيات الواقع : في غياب إحصائيات دقيقة ومضبوطة حول الفقر بالمغرب حيث تؤكد بعض التقارير ان حوالي 15% من السكان تحت ظروف الفقر، كما يعيش 60% من نسبة الفقراء بالعالم القروي في الوقت الذي تتزايد فيه نسبة الفقر في المدن، ويمكن اعتبار 25% من إجمالي السكان مهددين بالفقر في أية لحظة، حصة المواطن المغربي من الناتج الداخلي يعد ضعيفا للغاية، فهو لا يتجاوز 4550 دولار في السنة، في حين أن المعدل العربي يفوق 6700 دولار للفرد سنويا، فيما يصل المعدل العالمي إلى أزيد من 9540 دولار ونسبة السكان الذين يعيشون تحت عتبة الفقر المطلق بالمغرب قد انتقلت من 6،6 بالمائة إلى 11،7 بالمائة داخل المناطق القروية. أما بالنسبة لعدد الأسر المعوزة فقد انتقل بدوره من 56،8 بالمائة إلى 60،5 بالمائة، والمعدل الإجمالي للفقر على المستوى الوطني قد انتقل هو الآخر من 13،6 بالمائة إلى 22،1 بالمائة. أمام هذه الأرقام المهولة، حسب التقرير اصدرت مجلة فوربس حول الاثرياء، فإن ثروة الملك المغربي بلغت 5 ملايير و800 مليون دولار أمريكي، وهي الثورة الأكبر في القارة بفارق كبير عن باقي الزعماء في القائمة، ومنهم علي بونغو رئيس الغابون الذي يحتل المرتبة الثانية في القائمة بثروة تُقدر بـ1 مليار دولار. وأشار التقرير إلى أن ثروات الملوك والرؤساء الأفارقة، يرجع مصدرها إلى الاستثمارات التي يقوم بها الزعماء الأفارقة في عدد من القطاعات، كالاتصالات والطاقة والتجارة والسياحة والمعادن، إضافة إلى الاستثمار الخارجي.

خلاصة الطرح : ضاعف الملك والعائلة الملكية ثروته ب 7 مرات منذ وصوله للحكم بينما تضاعفت نسب الفقر من 13% إلى 22% من عموم الشعب.

مومن الديوري ليس في هذا العالم ولكن كتابه حول (A qui appartient le Maroc) عن عهد الحسن الثاني لا زال يحتفظ براهنيته.

  1. الاسلام السياسي والديني والفقر: اذا وضعنا جانبا المنظومة الفكرية للدين الإسلامي حول مساعدة المحتاجين والفقراء عن طريق تشريع متعددة يأتي بها النص القرآني، فكيف نعالج تجنيد القوى الإسلامية خلال فترات متعددة لدعم المحتاجين بأشكال متعددة، غذائية، ومالية، وكفالة إلى غيرها من الأشكال.

الرابط الاجتماعي المؤكد للقوى السياسية الإسلامية، خصوصا المحظورة منها، هو الحضور في الأحياء الشعبية وغالبا سري بالمقربة من الذين يعيشون وضعية اقتصادية ومالية معوزة. نجدها في الجمعيات الخيرية المتعددة الاشكال وفي الأحياء (réunions tupperwares) والمناسبات الدينية والأعياد...هدفها هو ترسيخ روابطها مع فئات كبيرة من الشعب. ولكن لحد الآن وبشكل ساطع، هذا التقارب لا يصب في محاربة الفقر أو اجتثاته والقضاء على أسبابه. مثلا إن عدد أصحاب المليارات في البلاد تضاعف ولا نجد اي استراتيجية للإسلام السياسي للحد منها أو مساءلتها عن مصدر الثروة وجذورها بشكل جدي وماني على المحاسبة (انظر الملف القيم حول أصل الثروة) (1)، بل أكثر من ذلك نجد بعض كوادر ومسؤوليها من الفئات الثرية في المغرب دون أن نعرف مصدر ثراءها.

الداعي الثاني لتقربها من فقر الشعب هو الحاجة إلى قاعدة شعبية أو انتخابية تحرقها في الوقت المناسب. فمثلا، يلعب العدل والإحسان على وتيرة الشعبية مستعملة خطاب موجه للضغط على الدولة والمخزن إذ تعتبر "أن تحاصر القوى الحية وتصادر حقوقها في التنظيم والتعبير والمشاركة العامة، كل ذلك يشكل جزءاً أصيلاً من أغراض النظام الحاكم، حتى لا يزاحم شرعيته وفاعليته وقوته ومبادرته أحد، وحتى تظهر تلكم الوسائط الحزبية والنقابية بمظهر الضعف والمصلحية والمكيافيلية والشعبوية". استعمال فقر الشعب لغرض في نفس يعقوب.

بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، نجده وقففه في الأحياء قرابة العمليات الانتخابية و يقول كاس مودا، الباحث الهولندي المتخصص في دراسة الشعبوية، إن الشعبوية تتغذى على الأزمات وتنتعش وتنمو بفضلها. ولذلك فليس من المفاجئ أن يرتبط نجاح حزب شعبوي كالعادة والتنمية بوجود أزمة بالمغرب. وحتى لا نتيه في عالم الشعبوية ونركز على النموذج المغربي، لابد أن نقدم بإيجاز شديد لمرجعية حزب العدالة والتنمية.

ومعنى القول إن بنكيران شعبوي، أي أنه يهاجم النخبة السياسية والاقتصادية التي يكنيها بالتماسيح والعفاريت. كما أنه يكيل المدح والثناء لعامة الناس ويصفهم بالصلاح والنقاء، وأنه إنما جاء ليحقق إرادة الشعب بمحاربة الفساد وإصلاح البلاد. أضف إلى ذلك أنه جعل السياسة أمرا يخوض فيه العامة بفضل طريقة كلامه، وقدرته على تسييس مجموعة من القضايا الحساسة بالمجتمع المغربي. وهذا كله وقع في ظرف أزمة، أثناء ما يصطلح عليه بالربيع العربي، متمثلا في حركة 20 فبراير بالمغرب.

  1. مسؤولية قوى المجتمع المدني والديمقراطية : ‭- ‬تتحمل‭ ‬الأحزاب‭ ‬والمنظمات‭ ‬وجمعيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬مسؤولياتهم‭ ‬في‭ ‬التعبئة‭ ‬الشاملة‭ ‬والالتصاق‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬بالمواطنين‭ ‬لرفع‭ ‬الوعي‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬محاربة‭ ‬الفقر‭ ‬ونشر‭ ‬ثقافة‭ ‬مدنية‭ ‬صحية‭.

اذا استثناءات الاحتجاجات الفايسبوكية وفي الشبكات الاجتماعية لبعض الأصوات اليسارية، والديموقراطية، لا نجد معركة صريحة ضد أصل الثروة وأسباب الفقر الموقع الذي تعيشه طبقات الشعب الكادحة.

أحياء 17 أكتوبر اليوم العالمي ضد الفقر ضعيف المدى والاحزاب والجمعيات التي تناضل ضد الاستحواذ عن الثروة من طرف افلية صداها ضعيف في المجتمع ولا امتداد لها في واقع الأحياء الشعبية وتبقى محاولة الجبهات الاجتماعية محبوسة في الاوساط المناضل بدون تمثيلية شعبية.

القفة الرمضانية ضاهرة تعبر من جهة عن فشل النموذج الرأسمالي السائد ومن جهة أخرى عن عجز القوى المنسوبة على الشعب العامل والكادح في طرح بديل عملي ومواكبته على أرض الواقع.

ما يزال السؤال حول مكان ثروة البلاد مطروحة بقوة في أذهان المغاربة، معيدين طرحه في كل مناسبة وحين بحثا عن جواب مقنع.

ويرتبط هذا السؤال حسب ما كشفت عنه عدة تقارير وطنية ودولية، باشكالية التفاوت الطبقي بين طبقات المجتمع الذي لا يستفيد من الثروة إذ تتسع دائرة الفقر لتشمل فئات واسعة مقابل تركز الفئات الغنية في البلاد.

نسيمة زيدان

1 - أين الثروة - الطريق عدد 332

أبريل 2021